للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادة، وفيه ردٌّ على من تحرَّى من الصوفية لبس الصوف دائمًا ومنع نفسه من غيره وألزمها زيًّا واحدًا وعمد إلى رسوم وأوضاع وهيئات، ويرى الخروج عنها منكرًا، وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يلبس ما وجد، فلبس الكِتَّان والصوف والقطن، وما الهدي إلا هديه، وما الأفضل إلا ما سنَّه، وهو لبس ما تيسَّر من الوسط المعتدل صوفًا تارةً وقطنًا طورًا وكتانًا أخرى ... " (١).

ولقد سمّى ابن تيمية هؤلاء بالملامية "الذين كانوا يخفون حسناتهم ويظهرون ما لا يظن بصاحبه الصلاح من زي الأغنياء ولبس العمامة فهذا قريب، وصاحبه مأجور على نيته؛ ثم حدث قوم فدخلوا في أمور مكروهة في الشريعة، ثم زاد الأمر ففعل قومٌ المحرمات من الفواحش والمنكرات وترك الفرائض والواجبات، وزعموا أنَّ ذلك دخول منهم في (الملاميات)، ولقد صدقوا في استحقاقهم اللوم والذم والعقاب من الله في الدنيا والآخرة، وتجب عقوبتهم جميعهم ومنعهم من هذا الشعار الملعون كما يجب ذلك في كل معلن ببدعة أو فجور" (٢).

بل نجد ابن تيمية مع رده للمعنى الباطل للملامية يردهم للمعنى الصحيح الوارد في الشرع، وبهذا يحصل الفرق بين (الملامية) الذين يفعلون ما يحبه الله ورسوله ولا يخافون لومة لائم في ذلك وبين (الملامية) الذين يفعلون ما يبغضه الله ورسوله ويصبرون على الملام في ذلك" (٣).

وأمَّا تقسيم الإخلاص إلى درجات فلم يرد لا في كتاب الله - عز وجل - ولا في سُنَّته، ولم يقل به أحدٌ من العلماء المشهود لهم باستنادهم على الكتاب والسُّنَّة وفق


(١) فيض القدير ١/ ١٨٩.
(٢) مجموع الفتاوى ٣٥/ ١٦٤.
(٣) المرجع نفسه ١٠/ ٦١.

<<  <   >  >>