للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم سلف الأُمَّة، ورحم الله القرافي (١) إذ قال: "وأصل كلِّ فسادٍ في الدنيا والآخرة إنما هو الجهل فاجتهد في إزالته عنك ما استطعت، كما أنَّ أصل كلِّ خير في الدنيا والآخرة إنما هو العلم فاجتهد في تحصيله ما استطعت، والله تعالى هو المعين على الخير كله" (٢)، والعلم الصحيح هو المستند على الكتاب والسُّنَّة وفق فهم الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -، ولو اتبع ابن عجيبة هديهم لما آل به هذا الحال، وقوله في موضع آخر يبيِّن أنَّ الأعمال والطاعات ليست من إرادة العبد، بل يقرر عقيدة الجبر، وليس للعبد أي تدبير، قال: "أن لا يرى لنفسه حولًا ولا قوةً لا في عمل ولا في حال ولا في مجاهدة ولا مكابدة بل ما يبرز منها الأعمال أو من الأحوال رآه منَّة من الله وهدية إليه" (٣).

وهذا من مغالطات المتصوفة الذين ردَّ عليهم ابن تيمية بقوله: "وقد يغلطون أيضًا في ظنِّهم أنهم يعبدون الله بلا حظٍّ ولا إرادة، وأنَّ كلَّ ما يطلب منه فهو حظُّ النفس، وتوهموا أنَّ البشر يعمل بلا إرادة ولا مطلوب ولا محبوب، وهو سوء معرفة بحقيقة الإيمان والدين والآخرة" (٤).


(١) هو: شهاب الدين أحمد بن إدريس المشهور بالقرافي شهاب الدين الصنهاجي، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك - رحمه الله - ولد سنة ٦٢٦ هـ، ومن شيوخه: عز الدين عبد السلام الشافعي، محمد بن إبراهيم بن عبد الواح المقدسي، محمد بن عمران الشهير بالشريف الكوكي، وله عدة مصنفات منها: الفروق، الذخيرة، الاستبصار فيما يدرك بالأبصار، توفي سنة ٦٨٢ هـ. ينظر: الوافي بالوفيات ٦/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) الفروق ٤/ ٢٦٥.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٤٣٤.
(٤) مجموع الفتاوى ١٠/ ٦٩٩.

<<  <   >  >>