للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية: "والعبد هو فقيرٌ دائمًا إلى الله من كلِّ وجه، من جهة أنه معبوده، وأنه مستعانه، فلا يأتي بالنعم إلا هو، ولا يصلح حال العبد إلا بعبادته.

وهو مذنب أيضًا لا بدَّ له من الذنوب فهو دائمًا فقير مذنب، فيحتاج دائمًا إلى الغفور الرحيم، الغفور الذي يغفر ذنوبه، والرحيم الذي يرحمه فينعم عليه ويحسن إليه، فهو دائمًا بين إنعام الرَّبِّ وذنوب نفسه" (١)، ويدلُّ على ذلك المعنى الشرعي للدعاء وهو: الافتقار إلى الله - سبحانه وتعالى -.

قال الخطابي: "ومعنى الدعاء: استدعاء العبد ربه - عز وجل - العناية، واستمداده إيَّاه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة" (٢).

فكيف يترك الدعاء!! وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي: «قول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي وأنا معه إذا دعاني» (٣).

وهذا الحديث صريح الدلالة على صفة المعية لله - سبحانه وتعالى -، والله - عز وجل - قريبٌ من عباده إذا دعوه، قال الشوكاني: "أعظم أنواع قرب العبد من الرَّبِّ ما صرَّح به في الكتاب العزيز بقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (٤)، (٥).

قال ابن كثير: "إنَّ الله لا يخيب دعاء داع، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء، وفيه ترغيبٌ في الدعاء، وأنه لا يضيع لديه" (٦).


(١) جامع الرسائل والمسائل ١/ ١١٦.
(٢) شأن الدعاء، ص ٤.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ٤/ ٣٨٤، رقم ٧٤٠٥.
(٤) سورة البقرة: ١٨٦.
(٥) قطر الولي، ص ٣٩٩.
(٦) تفسير القرآن العظيم ١/ ٥٠٦

<<  <   >  >>