للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن تيمية: "وهذا القرب من الداعي هو قربٌ خاصٌّ ليس قربًا عامًّا من كلِّ أحد، فهو قريبٌ من داعيه، وقريبٌ من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد" (١).

والقول بأنَّ الدعاء يخضع لحالة الفرد وما تنشرح له النَّفس بعيدٌ جدًّا؛ لأنَّ حكمه باعتبار ذاته.

قال القرافي: "اعلم أنَّ الدعاء الذي هو الطلب من الله تعالى له حكم باعتبار ذاته من حيث هو طلب من الله تعالى، وهو الندب؛ لاشتمال ذاته على خضوع العبد لرَبِّه، وإظهار ذلَّته وافتقاره إلى مولاه، فهذا ونحوه مأمور به، وقد يعرض له من متعلَّقاته ما يوجبه، أو يحرمه، والتحريم قد ينتهي إلى الكفر، وقد لا ينتهي" (٢).

وقال ابن القيم: "وحصول الإجابة عقيب السؤال على الوجه المطلوب دليلٌ على علم الرَّبِّ تعالى بالجزئيات وعلى سمعه لسؤال عبيده وعلى قدرته على قضاء حوائجهم وعلى رأفته بهم" (٣).

وقال ابن تيمية: "والقاعدة الكلية في شرعنا: أنَّ الدعاء إن كان واجبًا أو مستحبًّا فهو حسنٌ يُثاب عليه الداعي، وإن كان محرَّمًا كالعدوان في الدعاء فهو ذنبٌ ومعصية، وإن كان مكروهًا فهو ينتقص مرتبة صاحبه، وإن كان مباحًا مستوي الطرفين فلا له ولا عليه" (٤).


(١) مجموع الفتاوى ١٥/ ١٧.
(٢) الفروق ٤/ ٢٥٩ - ٢٦٠.
(٣) جلاء الأفهام، ص ٢٧٠.
(٤) مجموع الفتاوى ٨/ ٣٣٦.

<<  <   >  >>