للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عشرة آلاف موضع، ولم نقل ذلك مبالغةً بل حقيقة، ويكفي شهادة الحسِّ والعقلِ والفطر" (١).

وإلغاء الأسباب بالكليَّة قدحٌ في الشرع، قال ابن القيم: "الالتفات إلى الأسباب شركٌ في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا نقصٌ في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكليَّة قدحٌ في الشرع، وإنما التوكل والرَّجاء معنى يتألَّف من موجب التوحيد والعقل والشرع" (٢).

والله - عز وجل - ربط الأسباب بمسبباتها "وأنَّ العبد فاعلٌ لفعله حقيقة، وله قدرة واختيار، وقدرته مؤثِّرة في مقدورها كما تؤثِّر القوى والطبائع، وغير ذلك من الشروط والأسباب" (٣).

الشبهة الثانية: قوله بأنَّ علم الله - عز وجل - بحال العبد يترتَّب عليه عدم الدعاء

ويظهر هذا جليًّا في قوله: "وذلك لأنَّ الله - عز وجل - ليس بغافل حتى يُذَكَّر، بل هو عليمٌ بخفيَّات أمورك، فيأتيك ما قسم لك ... ولا يحتاج إلى تنبيه؛ لأنَّه لا يهملك فيما هو من قسمتك" (٤).

وابن عجيبة حين يذكر ذلك فهو متَّبعٌ لأسلافه الصوفية في هذه المسألة إذ هذا هو ديدنهم، ويحتجون بما روي عن إبراهيم الخليل - عليه السلام -: «حسبي من سؤالي علمه بحالي» (٥).


(١) شفاء العليل ١/ ١٨٩.
(٢) مجموع الفتاوى ٨/ ١٦٩، ١٧٠، منهاج السُّنَّة ٥/ ٣٦٦، والآداب الشرعية ٢/ ٢٨٦.
(٣) منهاج السُّنَّة النبوية ٣/ ١٠٩.
(٤) إيقاظ الهمم, ص ٣١١.
(٥) ذكره البغوي في التفسير، حكاية عن كعب الأحبار ٣/ ٣٥٠، وينظر: روح المعاني ٢/ ٨٢، والرسالة القشيرية ١/ ٤٢٠.

<<  <   >  >>