للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعور وعلم إذ الإرادة مشروطة بوجود العلم" (١).

الشبهة الثالثة: استدلاله بحديث «حسبي من سؤالي علمه بحالي»

فقد قال معلِّقًا: "ولا شكَّ أنَّ من كان على ملة إبراهيم - عليه السلام - اقتدى به، وقد كان بين السَّماء والأرض حين رُمي به، فاستغنى بعلم الله عن سؤاله، فكانت حالة إبراهيم - عليه السلام - في ذلك الوقت الاستغراق في الحقيقة" (٢).

وهذا الحديث ردَّه علماء الإسلام السابقون واللاحقون، قال عنه ابن تيمية: "ليس له إسنادٌ معروفٌ وهو باطل" (٣)، وقال عنه الألباني: "لا أصلَ له" (٤).

وهذا من ناحية الإسناد، أمَّا من ناحية المعنى فالذي ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: «(حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم - عليه السلام - حين أُلقي في النَّار، وقالها: محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٥)» (٦).

وفي هذا أنَّ إبراهيم - عليه السلام - لم يسأل الله - عز وجل - بل دعا الله - عز وجل - أثناء قيامهما برفع قواعد البيت الحرام، قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٧)، ودعا ربَّه عندما ترك زوجه وابنه في وادٍ غير


(١) مجموع الفتاوى ٨/ ٢٨٠، وينظر: جامع الرسائل ١/ ١٧٢.
(٢) إيقاظ الهمم, ص ٣١١.
(٣) قاعدة في التوسل, ص ٣٥.
(٤) السلسلة الضعيفة ١/ ٢٨، رقم ٢١.
(٥) سورة آل عمران: ١٧٣.
(٦) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} ٣/ ٢١١, رقم ٤٥٦٣.
(٧) سورة البقرة: ١٢٧.

<<  <   >  >>