للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذي زرع، قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (١).

وبهذا يتضح أنَّ هذا الحديث الذين جعلوه عمدةً لهم خالف الأدلة القطعية من الكتاب والسُّنَّة، قال ابن الجوزي: "ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنَّه موضوع" (٢).

وهذه فريةٌ على إبراهيم - عليه السلام - دحضها ابن تيمية بقوله: "فكيف يقول إبراهيم - عليه السلام -: حسبي من سؤالي علمه بحالي، والله بكلِّ شيءٍ عليم، وقد أمر العباد بأن يعبدوه ويتوكَّلوا عليه ويسألوه؛ لأنَّه سبحانه جعل هذه الأمور أسبابًا لما يرتبه عليها من إثابة العابدين، وإجابة السائلين، وهو سبحانه يعلم الأشياء على ما هي عليه، فعلمه بأنَّ هذا محتاجٌ أو هذا مذنبٌ لا ينافي أن يأمر هذا بالتوبة والاستغفار، ويأمر هذا بالدعاء وغيره من الأسباب التي تُقضى بها حاجته، كما يأمر هذا بالعبادة والطاعة التي بها ينال كرامته" (٣).

فيجب على كلِّ من نصح نفسه وأحبَّ نجاتها أن يتبع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ سعادة العبد في الدارين معلَّقة بهدية - صلى الله عليه وسلم -، وهو القائل: «الدعاء هو العبادة» (٤).


(١) سورة إبراهيم: ٣٧.
(٢) ينظر: تدريب الراوي ١/ ٢٧٧، وفتح المغيث ١/ ٢٦٩.
(٣) مجموع الفتاوى ١٤/ ٥١.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٢٧١، وأبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الدعاء ٢/ ١٦١، رقم ١٤٧٩، والترمذي في جامعه في تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة ٥/ ١٩٤، رقم ٢٩٦٩، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء ٤/ ٢٦٢، رقم ٣٨٢٨، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٩٠، من حديث النعمان بن بشير، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير رقم ٣٤٠٧.

<<  <   >  >>