للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة الرابعة: زعمه أنَّ الدعاء فيه سوء أدبٍ مع الله - عز وجل -، واتهام لله بعدم إعطاء العبد ما يستحق

حيث قال: "طلبك منه فلوجود تهمتك له، وربما دلَّهم الأدب على ترك الطلب" (١).

والصحيح أنَّ ترك الدعاء هو من سوء الأدب مع الله - عز وجل -، ولقد كان أفضل البشر وأكملهم هو نبيُّنا محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله - عز وجل - ولم يُغفل الدعاء، والأحاديث مستفيضةٌ بذلك، منها:

١ - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم» (٢).

٢ - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة ذي النُّون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنِّي كنتُ من الظالمين، فإنَّه لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجاب الله له» (٣).

قال ابن القيم: "فإنَّ فيها من كمال التوحيد والتنزيه للرَّبِّ تعالى، واعتراف العبد بظلمه وذنبه، ما هو من أبلغ أدوية الكربِ والهمِّ والغمِّ، وأبلغ الوسائل إلى الله سبحانه في قضاء الحوائج؛ فإنَّ التوحيد والتنزيه يتضمَّنان إثبات كلِّ كمالٍ لله، وسلب كلِّ نقصٍ وعيبٍ وتمثيلٍ عنه، والاعتراف بالظلم يتضمَّن إيمان العبد بالشَّرع


(١) إيقاظ الهمم، ص ٨٤، ٣١٠.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب الدعاء عند الكرب ٨/ ٩٣، رقم ٦٣٤٥.
(٣) أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب جامع الدعوات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ٥/ ٤٨٤، رقم ٣٥٠٥، وصحَّحه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع، رقم ٣٣٨٣.

<<  <   >  >>