للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل من تقرَّب إلى الله - عز وجل - بما ليس من الحسنات المأمور بها أمَر إيجاب ولا استحباب فهو متبعٌ لهواه والشيطان قائده، وسبيله من سبيل الشيطان كما قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «خطَّ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: هذه سبل ... على كلِّ سبيلٍ منها شيطان يدعو إليه (١)، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}» (٢).

قال الطبري في تفسيره لهذه الآية: "البدع والشبهات" (٣).

ولهذا لا بدَّ من معرفة الزيارة الشرعية لقبور المسلمين من الزيارة البدعية.

قال ابن تيمية: "فالزيارة الشرعية أن يكون مقصود الزائر الدُّعاء للميِّت؛ كما يُقصد بالصَّلاة على جنازته الدعاء له.

فالقيام على قبره من جنس الصلاة عليه قال الله تعالى في المنافقين: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (٤) فنهى نبيَّه عن الصَّلاة عليهم والقيام على قبورهم؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم كافرون، فلمَّا نهى عن هذا، وهذا لأجل هذه العلة وهي الكفر دلَّ ذلك على انتفاء


(١) أخرجه أحمد في مسنده ١/ ٤٣٥، رقم ٤١٤٢، والدارمي ١/ ٢٣٢، رقم ٢٠٨، والنسائي في السنن الكبرى ٦/ ٣٤٣، رقم ١١١٧٤، وابن حِبَّان ١/ ١٨٠، رقم ٦، والحاكم ٢/ ٣٤٨، وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ٢٥: فيه عاصم بن بهدلة وهو ثقةٌ وفيه ضعف، وحسَّنه ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح ١/ ١٣١.
(٢) سورة الأنعام: ١٥٣.
(٣) جامع البيان في تفسير القرآن ١٢/ ٢٢٩.
(٤) سورة التوبة: ٨٤.

<<  <   >  >>