للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزيارة التي يقصد بها الدعاء للميت فتلك لا تشرع إلا في حق المؤمنين.

وأمَّا الزيارة البدعية فهي التي يقصد بها أن يُطلب من الميت الحوائج أو يُطلب منه الدعاء والشفاعة أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أنَّ ذلك أجوب للدعاء.

فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فعلها الصحابة - رضي الله عنهم - لا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عند غيره وهي من جنس الشرك وأسباب الشرك.

ولو قصد الصلاة عند قبور الأنبياء والصالحين من غير أن يقصد دعاءهم والدعاء عندهم مثل أن يتخذ قبورهم مساجد لكان ذلك محرَّمًا منهيًّا عنه ولكان صاحبه متعرضًا لغضب الله ولعنته، فعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه قال في مرضه الذي مات فيه: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا»، قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أنِّي أخشى أن يُتخذ مسجدًا (١).

وقال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٢) يحذر ما صنعوا.

فإذا كان هذا محرَّمًا وهو سببٌ لسخط الرَّبِّ ولعنته فكيف بمن يقصد دعاء الميت والدعاء عنده وبه، واعتقد أنَّ ذلك من أسباب إجابة الدعوات ونيل الطلبات وقضاء الحاجات؟ وهذا كان أول أسباب الشرك في قوم نوح وعبادة الأوثان" (٣).

ونقل ابن القيم كلام شيخه ابن تيمية فقال: "وهذه الأمور المبتدعة عند القبور


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور ١/ ٤٠٨، رقم ١٣٣٠.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها ٢/ ٦٧، رقم ١٢١٢.
(٣) مجموع الفتاوى ١/ ١٦٥ - ١٦٦، ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ١٩٦ - ١٩٧.

<<  <   >  >>