هو للمسلمين هذا أفضل، فبيَّن أنَّ نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإنَّ هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا وأمَّا أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً" (١).
وفي منهج ابن عجيبة تأثُّرٌ واضحٌ بآراء الفلاسفة.
قال ابن تيمية في ردِّه على الفلاسفة الدهرية: "وقد أحدث قومٌ من ملاحدة الفلاسفة الدهرية للشرك شيئًا آخر ذكروه في زيارة القبور كما ذكر ذلك ابن سينا، ومن أخذ عنه كصاحب الكتب المضنون بها وغيره ذكروا معنى الشفاعة على أصلهم فإنَّهم لا يقرون بأنَّ الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ولا أنَّه يعلم الجزئيات ويسمع أصوات عباده ويجيب دعاءهم، فشفاعة الأنبياء والصالحين على أصلهم ليست كما يعرفه أهل الإيمان من أنها دعاء يدعو به الرَّجُل الصالح فيستجيب الله دعاءه، كما أنَّ ما يكون من إنزال المطر باستسقائهم ليس سببه عندهم إجابة دعائهم، بل هم يزعمون أن المؤثِّر في حوادث العالم هو قوى النفس أو الحركات الفلكية أو القوى الطبيعية فيقولون: إنَّ الإنسان إذا أحبَّ رجلًا صالحًا قد مات لا سيَّما إن زار قبره فإنه يحصل لروحه اتصال بروح ذلك الميت فيما يفيض على تلك الروح المفارقة من العقل الفعَّال عندهم، أو النفس الفلكية يفيض على هذه الروح الزائرة المستشفعة من غير أن يعلم الله بشيءٍ من ذلك، بل وقد لا تعلم الروح المستشفع بها بذلك، ومثَّلوا ذلك بالشمس إذا