قابلها مرآة فإنه يفيض على المرآة من شعاع الشمس، ثم إذا قابل المرآة مرآة أخرى فاض عليها من تلك المرآة، وإن قابل تلك المرآة حائطٌ أو ماءٌ فاض عليه من شعاع تلك المرآة فهكذا الشفاعة عندهم وعلى هذا الوجه ينتفع الزائر عندهم.
وفي هذا القول من أنواع الكفر ما لا يخفى على من تدبَّره، ولا ريب أنَّ الأوثان يحصل عندها من الشياطين وخطابهم وتصرفهم ما هو من أسباب ضلال بني آدم وجعل القبور أوثانًا هو أول الشرك.
ولهذا يحصل عند القبور لبعض الناس من خطاب يسمعه وشخص يراه وتصرف عجيب ما يظن أنه من الميت، وقد يكون من الجن والشياطين مثل أن يرى القبر قد انشقَّ وخرج منه الميت وكلَّمه وعانقه، وهذا يرى عند قبور الأنبياء وغيرهم وإنما هو شيطان فإنَّ الشيطان يتصور بصور الإنس ويدعي أحدهم أنه النبي فلان، أو الشيخ فلان ويكون كاذبًا في ذلك.
وفي هذا الباب من الوقائع ما يضيق هذا الموضع عن ذكره, وهي كثيرة جدًّا، والجاهل يظنُّ أنَّ ذلك الذي رآه قد خرج من القبر وعانقه أو كلَّمه هو المقبور أو النبي أو الصالح وغيرهما" (١).
وقال ابن تيمية: "وما أحفظ -لا عن صحابيٍّ ولا تابعيٍّ ولا عن إمامٍ معروف- أنه استحب قصد شيء من القبور للدعاء عنده، ولا روى أحدٌ في ذلك شيئًا، لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة ولا عن أحدٍ من الأئمة المعروفين، وقد صنَّف النَّاس في الدعاء وأوقاته وأمكنته، وذكروا فيه الآثار، فما ذكر أحدٌ منهم في فضل
(١) مجموع الفتاوى ١٦٦ - ١٦٧ - ١٦٨، ينظر: النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين، ص ٥٥، ١٩٩، ١٠١، ١٠٨، ١٣٢، ١٦٦.