للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدعاء عند شيءٍ من القبور حَرْفًا واحدًا -فيما أعلم-، فكيف يجوز -والحال هذه- أن يكون الدعاء عندها أجوب وأفضل، والسَّلف تنكره ولا تعرفه، وتنهى عنه ولا تأمر به.

نعم صار من نحو المائة الثالثة يوجد متفرِّقًا في كلام بعض الناس: فلانٌ تُرجى الإجابة عند قبره وفلانٌ يُدعى عند قبره، ونحو ذلك كما وجد الإنكار على من يقول ويأمر به، كائنًا من كان ... " (١).

وقال في موضعٍ آخر: "وأمَّا ما حُكي عن بعض المشايخ من قوله: إذا نزل بك حادثٌ، أو أمرٌ تخافه فاستوحني فيكشف ما بك من الشدَّة حيًّا كنتَ أو ميِّتًا.

فهذا الكلام ونحوه إمَّا أن يكون كذبًا من الناقل أو خطأً من القائل؛ فإنَّه نقلٌ لا يُعرف صدقه عن قائل غير معصوم، ومن ترك النقل المصدّق عن القائل المعصوم واتبع نقلًا غير مصدّق عن قائل غير معصوم فقد ضلَّ ضلالًا بعيدا" (٢).

"فعُلم أنَّ هذا من الضلال، وإن كان بعض الشيوخ قال ذلك فهو خطأ منه والله يغفر له إن كان مجتهدًا مخطئًا، وليس هو بنبيٍّ يجب اتباع قوله ولا معصوم فيما يأمر به وينهى عنه، وقد قال الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (٣) (٤).

"وهذه البدع إنما يحدثها أهل الغلو والشرك المشبهين للنصارى من أهل البدع الرافضة الغالية في الأئمة ومن أشبههم من الغلاة في المشايخ" (٥).


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٢٤٦.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٧/ ١٢٥.
(٣) سورة النساء: ٥٩.
(٤) مجموع الفتاوى ٢٧/ ١٢٥، ٢٧/ ٤٦٥ - ٤٦٧، و ٢٧/ ١٦٧ - ١٦٨.
(٥) المرجع السابق ٢٧/ ١٢٧.

<<  <   >  >>