للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - الذكر بالاسم المفرد

قال ابن عجيبة في تفسيره لقول الله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (١) "واذكر اسم ربك، أي: استغرق أنفاسك في ذكر اسمه الأعظم، وهو الاسم المفرد؛ الله الله" (٢).

وقال أيضًا: "والنار التي تحرق البشرية هي مخالفة الهوى، وتحمل النفس ما يثقل عليها، كالذُّل والفقر، ونحوهما مع دوام ذكر الاسم المفرد، فكلَّما فني فيه ذابت بشريته، وقويت روحانيته حتى تستولي على بشريته، فحينئذٍ يكون الحكم لها" (٣).

وابن عجيبة في قوله في الاسم المفرد يسير على عقيدة المتصوفة وابتداعهم للأذكار الباطلة، ولا ريب أنَّ هذا من الآثار السيئة المترتبة على ترك ما جاء في الوحيين، فليتأمل العاقل الحصيف كيف جرَّ هذا المنكر في الاستغراق في الاسم المفرد إلى ما هو أقبح منه في الانحراف العقدي.

قال ابن تيمية في ردِّه على الصوفية: "والذكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشرع، وخطأٌ في القول واللُّغة، فإنَّ الاسم المجرَّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا (٤).

وقال في موضعٍ آخر: "وأمَّا الاسم المفرد مظهرًا أو مضمرًا فليس بكلامٍ تام، ولا جملة مفيدة، ولا يتعلَّق به إيمان، ولا كفر، ولا أمر، ولا نهي، ولم يذكر ذلك أحدٌ من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعطي القلب بنفسه معرفة


(١) سورة الإنسان: ٢٥.
(٢) البحر المديد ٧/ ٢٠٥.
(٣) الفتوحات الإلهية، ص ٢٥١.
(٤) مجموع الفتاوى ١٠/ ٣٩٦.

<<  <   >  >>