للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو قال الكافر: (الله، الله) من أول عمره إلى آخره لم يصر بذلك مسلمًا فضلًا عن أن يكون من جملة الذكر، أو يكون أفضل الأذكار، وبالغ بعضهم في ذلك حتى قال: الذكر بالاسم المضمر أفضل من الذكر بالاسم الظاهر، أو الذكر بقوله: (هو، هو) أفضل من الذكر بقولهم: (الله، الله)، وكل هذا من أنواع الهوس والخيالات الباطلة المفضية بأهلها إلى أنواع من الضلالات" (١).

وإذا كان حال أحدهم ذاكرًا مختليًا في الاسم المفرد -كما زعموا- فمتى سيتدبر آيات الله - عز وجل - ويدرك معاني الأحاديث النبوية، ويعمل بها على هدي سنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - "فإنَّ طريق السُّنَّة علمٌ وعدلٌ وهدى، وفي البدعة جهلٌ وظلمٌ، وفيها اتباع الظن وما تهوى الأنفس" (٢).

ولا شكَّ أنَّ ترديد هذا الاسم إلى جانب ما فيه من البدع، فهو تعدٍّ في الدعاء بجهر الصوت الجماعي، ولا يوجد لا في الكتاب ولا في السُّنَّة ما يدل على الاجتماع على الذكر جهرًا ولا علانية.

قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (٣).

قال الشيخ السعدي: "ومن الاعتداء كون العبد يسأل الله مسائل لا تصلح له، أو يتنطع في السؤال، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء، فكلُّ هذا داخلٌ في الاعتداء المنهي عنه" (٤).

ولقد نهى نبيُّنا محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - الذين رفعوا صوتهم بالتكبير، رغم أنهم لم يرفعوه


(١) طريق الهجرتين، ص ٤٩٨ - ٤٩٩.
(٢) الإبداع في مضار الابتداع، ص ٧٨، وينظر: المدخل، لابن الحاج ٢/ ٢٤٢.
(٣) سورة الأعراف: ٥٥.
(٤) تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن ١/ ٢٩١.

<<  <   >  >>