للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول، أمَّا الصَّغائر فعامَّة ما ينقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار على الصغائر ولا يقرون عليها ولا يقولون إنها لا تقع بحال (١).

وقال القاضي عياض - رحمه الله -: "أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر والموبقات" (٢).

وقال ابن تيمية - رحمه الله -: "فإنهم متفقون -أي المسلمين- على أنَّ الأنبياء معصومون فيما يبلِّغونه عن الله تعالى، وهذا هو مقصود الرِّسالة؛ فإنَّ الرَّسول هو الذي يبلِّغ عن الله أمره ونهيه وخبره، وهم معصومون في تبليغ الرِّسالة باتفاق المسلمين، بحيث لا يجوز أن يستقر في ذلك شيءٌ من الخطأ" (٣).

ويقول أيضًا: "هم متفقون على أنهم لَا يُقَرُّونَ على خطأ في الدين أصلًا، ولا على فسوق، ولا كذب، ففي الجملة كل ما يقدح في نبوتهم وتبليغهم عن الله - عز وجل - فهم متفقون على تنزيههم عنه، وعامة الجمهور الذين يجوِّزون عليهم الصغائر يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها، فلا يصدر عنهم ما يضرهم" (٤).

وبهذه النقول عن أئمة السَّلف يتضح أنَّ ابن عجيبة وافق الصواب في رأيه عمَّا يجوز ويستحيل في حقهم.

وأما رأيه في كيفية إدراك النبوة وتحصيلها فيرى أنَّ النبوة لا تدرك بالنَّسب والمال، حيث قال في تفسيره لقول الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى


(١) مجموع الفتاوى ٤/ ٣١٩.
(٢) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ٢/ ٣٢٧.
(٣) منهاج السُّنَّة النبوية ٣/ ٣٧٢.
(٤) المرجع نفسه ١/ ٤٧٢.

<<  <   >  >>