للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة ١٢٣٢ هـ، الذي قال:

زينُ البريةِ بذرةُ الخليقة ... زهرةُ الحقيقةِ أزكاها وأذكاها

أصلُ الوجودِ وبهجةُ الصدور ... إنسانُ العيون ومبناها ومعناها

نورُ السَّماواتِ ونورُ الأرضِ كوكبُها ... مصباحُ مشكاتها سراجُ مجلاها

لولاه لم تَبْدُ أزهارُ السِّماءِ ومَا ... جرى بها ابنُ غزالة ليرعاها

لولاه ما نسجت أرضٌ قطائفَ من ... نورٍ ولم تَرَ ماءَها ومرعاها

لولاه لا عرشٌ لا كرسي لا قلمٌ ... لا لوح لا فرش لا جبال أرساها (١)

ويرى ابن عجيبة أنَّ معرفة الحقيقة المحمَّدية، ليست لكلِّ أحد، بل هي لمن سلك طريق القوم، فقال: "فلم يدركه منَّا سابقٌ ولا لاحق, بل كَلَّت فهومهم، وتقاصرت علومُهم عن الإحاطة المحمَّدية" (٢).

ولذلك جعل نورَ محمَّدٍ متوسط الكون, ولولا توسط النور لكان الوجود متجهِّمًا، يطبعه الجفاء.

ويرى أيضًا أنَّ محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - هو الأساس الذي قام عليه ولأجله الوجود، يتضح ذلك في صلاته على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصَّلاة والسَّلام على من امتدَّت من سرِّ ناسوتهِ (٣) الأكوان، وأشرقت من نور لاهوته (٤) حقائق العرفان" (٥).

وقال: "والصَّلاة والسَّلام على قطب دائرة الأكوان وسيد الأسياد، الذي من


(١) النوافح الغالية في الأمداح السليمانية، ص ٨٧.
(٢) شرح صلاة ابن مشيش، ص ٢١.
(٣) سرِّ ناسوته: عبارة عن حس الأواني، ينظر: معراج التشوف, ص ٩٠.
(٤) نور لاهوته: عبارة عن أسرار المعاني، ومرجع الأول للمُلك، والثاني للملكوت، مرجع سابق، ص ٩٠.
(٥) شرح خمرية ابن الفارض, ص ١٣.

<<  <   >  >>