للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نور فيضه الأول ظهرت نعمة الإيجاد والإمداد، سيدنا ومولانا محمد المبعوث بالعزِّ الدائم والشَّرف الفاخر رحمة للعباد " (١).

ويقول أيضًا: "نوره - صلى الله عليه وسلم - هو بذرةُ الوجود، والسَّببُ في كلِّ موجود ... من أجله لاحت وظهرت أسرار الذات العالية، وقد كانت قبل ظهور نوره محجوبة باطنية، تجلَّى فيها الحقُّ تعالى باسمه الباطن، فلما أراد أن يتجلَّى باسمه الظاهر، أظهر قبضة من نوره، فقال: كوني محمَّدًا، فمن تلك القبضة المحمَّدية تكونت الأكوان من العرش إلى الفرش، فما ظهرت أسرار الذات إلا من تلك القبضة النورانية فظاهرها ذات، وباطنها صفات" (٢).

وهذا الرأي مخالفٌ لما نصَّت عليه النصوص الصريحة التي بيَّنت بداية الخلق، وأول مخلوق خلقه الله - عز وجل - هو العرش كما ثبت ذلك في الحديث، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كان الله ولم يكن شيءٌ قبله, وكان عرشه على الماء, ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء» (٣).

وتأثَّر ابن عجيبة بكتاب دلائل الخيرات (٤)، الذي قال عنه: "فبقيت في الصَّلاة على رسول الله مدة حتى حفظتُ دلائل الخيرات" (٥).

وحفظه له واهتمامه به يدلُّ على أنه يقر بكلِّ ما فيه من مخالفات في طريقة


(١) شرح نونية الششتري, ص ٤٥.
(٢) شرح صلاة القطب ابن مشيش, ص ١٥ - ١٦. وينظر: صلاة ابن العربي الحاتمي, ص ٤٥.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ١/ ٣٦٩٨، رقم ٧٤١٨.
(٤) ألَّفه محمد بن سليمان بن داود الجزولي السملالي الشاذلي، من أهل سوس المراكشية، تفقَّه بفاس، وحفظ المدوَّنة في فقه مالك، مات سنة ٨٧٠ هـ، ينظر: المطرب بمشاهير أولياء المغرب، ص ١٤٣.
(٥) الفهرسة، ص ٤٣.

<<  <   >  >>