قال ابن تيمية - رحمه الله -: "الرياضة تستعمل في ثلاثة أنواع: في رياضة الأبدان بالحركة والمشي كما يذكر الأطباء وغيرهم، وفي رياضة النُّفوس بالأخلاق الحسنة المعتدلة والآداب المحمودة، وفي رياضة الأذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الأمور الغامضة"(١).
وما توهَّمه ابن عجيبة هو في الحقيقة خطاباتٌ شيطانية، نتيجة الرياضات والمجاهدات الشاقَّة على النَّفس.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "فمن أين للمخاطب أن هذا الخطاب رحماني، أو ملكي؟ بأيِّ برهان؟ أو بأيِّ دليل؟ والشيطان يقذف في النفس وحيه، ويلقي في السمع خطابه، فيقول المغرور المخدوع: قيل لي وخوطبت، صدقت لكن الشأن في القائل لك والمخاطب ... خطاب حالي، تكون بدايته من النفس، وعوده إليها، فيتوهمه من خارج، وإنما هو من نفسه، منها بدأ وإليها يعود، وهذا كثيرًا ما يعرض للسَّالك، فيغلط فيه، ويعتقد أنه خطاب من الله، كلَّمه به منه إليه، وسبب غلطه أنَّ اللطيفة المدركة من الإنسان إذا صفت بالرياضة، وانقطعت علقها عن الشواغل الكثيفة صار الحكم لها بحكم استيلاء الروح والقلب على البدن، ومصير الحكم لهما، فتنصرف عناية النفس والقلب إلى تجريد المعاني التي هي متصلة بهما، وتشتد عناية الروح بها، وتصير في محل تلك العلائق والشواغل، فتملأ القلب، فتنصرف تلك المعاني إلى المنطق والخطاب القلبي الروحي بحكم العادة، ويتفق تجرد الروح، فتشكل تلك المعاني للقوة السامعة بشكل الأصوات المسموعة، وللقوة الباصرة بشكل الأشخاص المرئية، فيرى صورها، ويسمع الخطاب، وكله في نفسه ليس في