ففي حال الفناء يغيب عن كل شيء ولا يرى إلا الله فهذا ما يعبر عنه بوحدة الشهود.
وحال البقاء فلا يغيب عنه شيء؛ لأنه يرى الله في كل شيء - عز وجل - عمَّا يقول عُلُوًّا كبيرًا.
وهذه التعريفات لا تمتُّ الإسلام بشيء، بل تدلُّ على تأثُّر الصوفية بفلسفة أفلوطين.
ولقد بين ابن تيمية - رحمه الله - أقسام الفناء بقوله: "إنَّ الفناء ثلاثة أنواع:
نوع للكاملين من الأنبياء والأولياء، ونوع للقاصدين من الأولياء والصالحين، ونوع للمنافقين الملحدين المشبهين.
(فأما الأول): فهو الفناء عن إرادة ما سوى الله، بحيث لا يحب إلا الله ولا يعبد الا إياه ولا يتوكل إلا عليه ولا يطلب غيره، وهو المعنى الذي يجب أن يقصد بقول أبي يزيد حيث قال: أريد أن لا أريد إلا ما يريد، أي المراد المحبوب المرضي، وهو المراد بالإرادة الدينية، وكمال العبد أن لا يريد ولا يحب ولا يرضى إلا ما أراده الله ورضيه وأحبَّه وهو ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب، ولا يحب إلا ما يحبه الله كالملائكة والأنبياء والصالحين ...
وأما النوع الثاني: فهو الفناء عن شهود السوى، وهذا يحصل لكثير من السالكين، فإنهم لفرط انجذاب قلوبهم إلى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن أن تشهد غير ما تعبد وترى غير ما تقصد؛ لا يخطر بقلوبهم غير الله، بل ولا يشعرون ... فإذا قوي على صاحب الفناء هذا فإنه يغيب بموجوده عن وجوده وبمشهوده عن شهوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى يفنى من لم يكن