للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: فأمَّا لفظ الغوث والغياث "فلا يستحقه إلا الله فهو غياث المستغيثين فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرَّب ولا نبيٍّ مرسل، ومن زعم أنَّ أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضرِّ عنهم ونزول الرحمة إلى الثلاثمائة إلى السبعين، والسبعين إلى الأربعين، والأربعين إلى السبعة، والسبعة إلى الأربعة، والأربعة إلى الغوث فهو كاذبٌ ضالٌّ مشرك، فقد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} (١).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه - رضي الله عنهم - لما رفعوا أصواتهم بالذكر: «أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا وإنما تدعون سميعًا قريبًا، إنَّ الذين تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (٢) (٣).

الوجه الرابع: "وأما الأوتاد فقد يوجد في كلام البعض أنه يقول: فلان من الأوتاد يعني بذلك أنَّ الله تعالى يثبِّت به الإيمان والدين في قلوب من يهديهم الله به كما يثبِّت الأرض بأوتادها، وهذا المعنى ثابتٌ لكلِّ من كان بهذه الصفة من العلماء فكلُّ من حصل به تثبيت العلم والإيمان في جمهور الناس كان بمنزلة الأوتاد العظيمة والجبال الكبيرة ومن كان بدونه كان بحسبه وليس ذلك محصورًا في أربعة ولا أقل ولا أكثر بل جعل هؤلاء أربعة مضاهاة بقول المنجمين في أوتاد الأرض.

وأمَّا القطب فيوجد أيضًا في كلامهم فلان من الأقطاب أو فلان قطب فكل


(١) سورة الإسراء: ٦٧.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الوصايا، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ٢/ ٣٥٦، رقم ٢٩٩٢.
(٣) مجموع الفتاوى ٣/ ١٤٣.

<<  <   >  >>