وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها، وأعرف من يخاطبهم الحجر والشَّجر وتقول: هنيئًا لك يا وليَّ الله فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك، وأعرف من يقصد صيد الطير فتخاطبه العصافير وغيرها وتقول: خذني حتى يأكلني الفقراء ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الإنس ويخاطبه بذلك، ومنهم من يكون في البيت وهو مغلق فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح وبالعكس، وكذلك في أبواب المدينة وتكون الجن قد أدخلته وأخرجته بسرعة، أو تمر به أنوار أو تحضر عنده من يطلبه ويكون ذلك من الشياطين يتصورون بصورة صاحبه فإذا قرأ آية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله، وأعرف من يخاطبه مخاطب ويقول له: أنا من أمر الله ويعده بأنه المهدي الذي بشَّر به النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ويظهر له الخوارق" (١).
وهذه الكرامات الحسيَّة ليست معتبرة لحصول الولاية، فإنها قد تظهر على شخص متلبِّس بالمعاصي، وظهورها عليه لا يعني كمال صاحبها، ولكن القوم عمدتهم فيما اعتقدوا فيه الولاية أنه قد صدر منه مكاشفة في بعض الأمور، أو بعض التصرُّفات الخارقة للعادة كأن يملأ إبريقًا من الهواء، أو أن يختفي أحيانًا عن أعين الناس، أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاءه فقضى حاجته، وليس في شيءٍ من هذه الأمور ما يدلُّ على أنَّ صاحبها وليُّ لله، بل قد اتفق أولياء الله على أنَّ الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموافقته لأمره ونهيه، فإن هذه الخوارق قد تكون لكثير من الكُفَّار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين، وتكون لأهل البدع، وتكون من الشياطين، فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيءٌ من هذه الأمور أنه وليُّ