للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سوى شيءٌ واقعٌ في النفس من إلقاء الشياطين وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرورٌ مخدوع" (١).

وقال ابن الجوزي: "وقد فرق كثير من الصوفية بين الشريعة والحقيقة، وهذا جهلٌ من قائله؛ لأن الشريعة كلُّها حقائق" (٢)، وقال أيضًا: "وقد سموا علم الشريعة علم الظاهر، وسموا هواجيس النفس علم الباطن" (٣)، وقال ابن رجب - رحمه الله - (٤): "وكثير ممن يدعي العلم الباطن ويتكلم فيه ويقتصر عليه يذم العلم الظاهر الذي هو الشرائع والأحكام والحلال والحرام، ويطعن في أهله ويقول: هم محجوبون وأصحاب قشور، وهذا يوجب القدح في الشريعة المطهرة والأعمال الصالحة التي جاءت الرُّسل بالحثِّ عليها والاعتناء بها، وربما انحل بعضهم عن التكاليف وادعى أنها للعامة، وأمَّا من وصل فلا حاجة به إليها وأنها حجاب له، وهؤلاء كما قال الجنيد-سيد الطائفة عندهم- وغيره من العارفين: وصلوا ولكن إلى سقر، وهذا من أعظم خداع الشيطان وغروره لهؤلاء، لم يزل يتلاعب بهم حتى أخرجهم عن الإسلام، ومنهم من يظن أن هذا العلم الباطن لا يتلقى من مشكاة النبوة، ولا من الكتاب والسُّنَّة!، وإنما يتلقى من الخواطر والإلهامات والكشوفات! فأساءوا الظن بالشريعة الكاملة، حيث ظنُّوا أنها لم تأت بهذا العلم النافع، الذي يوجب صلاح القلوب وقربها من علام الغيوب! وأوجب ذلك لهم الإعراض عمَّا جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب بالكلية والتكلم فيه بمجرد الآراء والخواطر، فضلُّوا وأضلُّوا" (٥).


(١) ينظر: تلبيس إبليس، ص ٣٢٤.
(٢) المرجع نفسه، ص ٣٢٤.
(٣) نفسه، ص ٣٢١.
(٤) هو أبو الفرج، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، زين الدين البغدادي الدمشقي، له مؤلفات منها: جامع العلوم والحكم، فتح الباري على شرح صحيح البخاري، القواعد الفقهية، توفي سنة ٧٩٥ هـ. ينظر: شذرات الذهب ٦/ ٣٣٩.
(٥) شرح حديث العلم، ص ١٦.

<<  <   >  >>