للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن ردّ هذا التقسيم ابن القيم حيث قال: "ومن كيد الشيطان: ما ألقاه إلى جُهَّال المتصوفة من الشطح والطامات، وأبرزه لهم في قالب الكشف من الخيالات، فأوقعهم في أنواع الأباطيل والترهات، وفتح لهم أبواب الدعاوى الهائلات، وأوحى إليهم: أن وراء العلم طريقًا إن سلكوه أفضى بهم إلى الكشف العيان، وأغناهم عن التقيد بالسُّنَّة والقرآن، فحسَّن لهم رياضة النفوس وتهذيبها، وتصفية الأخلاق والتجافي عمَّا عليه أهل الدنيا، وأهل الرياسة والفقهاء، وأرباب العلوم والعمل على تفريغ القلب وخلوه من كل شيء، حتى ينتقش فيه الحق بلا واسطة تعلم، فلما خلا من صورة العلم الذى جاء به الرسول نقش فيه الشيطان بحسب ما هو مستعدٌ له من أنواع الباطل، وخيله للنفس حتى جعله كالمشاهد كشفًا وعيانًا، فإذا أنكره عليهم ورثة الرُّسل قالوا: لكم العلم الظاهر، ولنا الكشف الباطن، ولكم ظاهر الشريعة، وعندنا باطن الحقيقة، ولكم القشور ولنا اللباب، فلما تمكَّن هذا من قلوبهم سلخها من الكتاب والسُّنَّة والآثار كما ينسلخ الليل عن النهار، ثم أحالهم في سلوكهم على تلك الخيالات، وأوهمهم أنها عن الآيات البيِّنات، وأنها من قبل الله سبحانه إلهامات وتعريفات فلا تعرض على السُّنَّة والقرآن، ولا تُعامل إلا بالقبول والإذعان، فلغير الله لا له سبحانه ما يفتحه عليهم الشيطان من الخيالات والشطحات، وأنواع لهذيان، وكلما ازدادوا بعدًا وإعراضًا عن القرآن وما جاء به الرَّسول كان هذا الفتح على قلوبهم أعظم" (١).

ومما يجب أن يلاحظ هنا أن فكرة الظاهر والباطن عند الصوفية جذورها شيعية كما رأى الشيخ إحسان إلهي ظهير (٢) يقول: "وأمَّا الفكرة الأخرى التي


(١) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان ١/ ١١٩.
(٢) إحسان إلهي ظهير بن طهور إلهي بن أحمد الدين بن نظام الدين، من أسرة سيتي، عالم باكستاني، ولد في سيكالوت عام ١٣٦٣ هـ، اغتيل عام ١٤٠٧ هـ. ينظر: إتمام الأعلام، ص ٢٧، الشيخ إحسان إلهي ظهير منهجه وجهوده في تقرير العقيدة والرد على الفرق المخالفة، ص ٦٣.

<<  <   >  >>