للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تسربت إلى التصوف من التشيع، واعتنقها الصوفية بتمامها هي فكرة تقسيم الشريعة إلى الظاهر والباطن، والعام والخاص، ومنها تدرجت وتطرقت إلى التأويل الباطني والتفسير المعنوي، وتفريق المسلمين بين العامة والخاصة، فإن الشيعة بجميع فرقها، وخاصة الإسماعيلية (١) منهم من يعتقدون أن لكل ظاهر باطنًا، وقد اختص بمعرفة الباطن علي - رضي الله عنه - وأولاده أي أئمتهم المعصومون حسب زعمهم، فسموا الموالين لهم بالخاصة، وغير المؤمنين بهذه الفكرة بالعامة ... ثم قالوا: إن الظاهر هو الشريعة، والباطن هو الحقيقة، وصاحب الشريعة هو الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وصاحب الحقيقة هو الوصي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (٢).

واستدل بقصة الخضر - عليه السلام - فقال: "إن جماعة من العوام أنكروا علم الباطن، وقالوا ليس إلا علم الشريعة الذي هو العلم الظاهر، وأما علم الباطن فلم ينزل به كتابٌ ولا سُنَّة.

قلنا (٣): يُرَدُّ عليهم بقول الله - عز وجل - في قصة موسى - عليه السلام - مع الخضر - عليه السلام -: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} (٤)(٥).


(١) الإسماعيلة: هم المنسوبون إلى محمد بن إسماعيل وهو ابن جعفر الصادق، يقولون بالتفسير الباطني، وأنَّ الله - عز وجل - اختصَّ بالعلم علي بن أبي طالب، ويقولون بكفر من خالف عليًّا، ويقولون بإمامة الاثني عشر. ينظر: الفرق بين الفرق، ص ٤٢، والملل والنحل، للشهرستاني ١/ ١٩١.
(٢) ينظر: التصوف، المنشأ والمصادر, ص ٢٤٣، الفكر الصوفي في ضوء القرآن والسُّنَّة, ص ٤٢١.
(٣) القائل: ابن عجيبة.
(٤) سورة الكهف: ٦٥
(٥) الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية، ص ٢٣٧.

<<  <   >  >>