للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذله على سبيل السَّخاء والقوَّة، واستمالة القلوب، وإنما الزهد أن يترك الدنيا للعلم بحقارتها بالنسبة إلى نفاسة الآخرة" (١).

ويبيِّن ابن القيم المعنى الحقيقي للزهد فيقول: "وليس المراد تخليها من اليد ولا إخراجها وقعوده صفرًا منها، وإنما المراد إخراجها من قلبه بالكُليَّة، فلا يلتفت إليها، ولا يدعها تساكن قلبه، وإن كانت في يده، فليس الزهد أن تترك الدنيا من يدك وهي في قلبك وإنما الزهد أن تتركها من قلبك وهى في يدك، وهذا كحال الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز الذى يضرب بزهده المثل مع أنَّ خزائن الأموال تحت يده، بل كحال سيِّد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم - حين فتح الله عليه من الدنيا ما فتح، ولا يزيده ذلك إلا زُهدًا فيها" (٢).

ج- الرجاء:

قال ابن عجيبة: "الرجاءُ: تمنِّي الشَّيء مع السَّعي في أسبابه، وإلا فهو أمنية" (٣).

ويرى أنَّ عدم الخوف من الذنب من مظاهر الاعتدال في باب المقامات، والطاعة والمعصية سواء.

وهذا؛ لأنه متأثِّرٌ ببدعة وحدة الوجود، فهو يصفهم بأهل الخصوص الواصلين؛ لأنه يرى أنَّ أفعال العباد ليست فعلًا لهم، وإنما هي لله تعالى، وهذه المسألة مرتبطة بعقيدته في الجبر كما مر معنا.

فقال: "وأمَّا الواصلون فلا يرون لأنفسهم فعلًا ولا تركًا، فهم ينظرون إلى


(١) مختصر منهاج القاصدين، ص ٣٥٥.
(٢) طريق الهجرتين ١/ ٢٥٢.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٦٦.

<<  <   >  >>