للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصريف الحق، وما يجري به سابق القدر، فيتلقونه بالقبول والرضا، فإن كان طاعة شكروا وشهدوا منَّة الله، وإن كان معصية اعتذروا وتأدَّبوا، ولم يقفوا مع أنفسهم، إذ لاوجود لها عندهم، وإنما ينظرون إلى ما يبرز من عنصر القدرة" (١).

ويقول أيضًا: "ومن جملة ذلك الخوف والرجاء بحيث إذا صدرت منهم طاعة لا يزيد رجاؤهم، وإذا وقعت منهم زلَّة لا يعظم خوفهم، ولا تنقص استقامتهم" (٢).

وهذا مصادمٌ للنصوص الشرعية التي أمرت بعبادة الله خوفًا، وطمعًا، ورجاءً.

والتوحيد والإيمان لا يتم إلا بالمحبة، والخوف، والرجاء؛ لذلك أثنى الله - عز وجل - على عباده؛ لأنهم يعبدونه بالخوف والرجاء، قال - عز وجل -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} (٣)، وقال سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (٤) والطمع هو الرجاء، ولما ذكر الله تعالى الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان وأيوب وإسماعيل واليسع وهود، قال بعد ذلك: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (٥) الرَّغبُ: الرجاء، والرَّهبُ: الخوف، فإذا فُقد الخوف والرجاء والمحبَّة لم يكن هناك إيمانٌ ولا توحيد (٦).


(١) إيقاظ الهمم، ص ١٢١ - ١٢٢.
(٢) المرجع نفسه، ص ٢٧٩.
(٣) سورة الإسراء: ٥٧.
(٤) سورة السجدة: ١٦.
(٥) سورة الأنبياء: ٩٠.
(٦) شريط كاسيت مفرغ في المكتبة الشاملة لشرح الطحاوية للشيخ عبد العزيز الراججي. http://shamela.ws/index.php/page/download-shamela.

<<  <   >  >>