وبهذا يتضح مخالفة ابن عجيبة لأهل السُّنَّة والجماعة وموافقته للمرجئة بتغليبه جانب الرجاء، فمن فعل طاعة لا يَعْظُم رجاؤه، ومن فعل معصية لا يَعْظُم خوفه ولا تنقص استقامته.
والواصلون -حسب ما وصفهم- يسقط عنهم التدبير والاختيار، وأمَّا العوام فهم يبقون في هذه المقامات.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وبعض من تكلَّم في علل المقامات، جعل الخوف والرجاء والحبَّ والرضا من مقامات العامة، بناءً على مشاهدة القدر، وأنَّ من شهد القدر فشهد توحيد الأفعال حتى فني من لم يكن، وبقي من لم يزل، يخرج عن هذه الأمور، وهذا كلام مستدرك حقيقةً وشرعًا، أمَّا الحقيقة فإنَّ الحيَّ لا يتصور أن لا يكون حساسًا محبًا لما يلائمه مبغضًا لما ينافره، ومن قال إنَّ الحيَّ يستوي عنده جميع المقدورات فهو أحد رجلين إمَّا أنه لا يتصور ما يقول بل هو جاهل، وإمَّا أنه مكابر معاند ولو قدر أنَّ الإنسان حصل له حال أزال عقله -سواء سمي اصطلامًا أو محوًا أو فناءً أو غشيًا أو ضعفًا- فهذا لم يسقط إحساس نفسه بالكلية بل له إحساس بما يلائمه وما ينافره وإن سقط إحساسه ببعض الأشياء فإنه لم يسقط بجميعها،