للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن زعم أنَّ المشاهد لتوحيد الربوبية يدخل إلى مقام الجمع والفناء فلا يشهد فرقًا فإنه غالط بل لا بدَّ من الفرق فإنه أمر ضروري، لكن إذا خرج عن الفرق الشرعي بقي في الفرق الطبعي فيبقى متبعًا لهواه لا مطيعًا لمولاه" (١).

د- المحبة:

قال ابن عجيبة: "المحبة لها بداية، ووسط، ونهاية، فأول المحبة وبدايتها: ملازمة امتثال أمر الله - عز وجل -، واجتناب النهي، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢)، ووسطها: لهج اللسان بالذكر، وتعلُّق القلب بشهود المحبوب، ونهايتها: لا تُدرك بالعبارة، ولا تلحقها الإشارة، وفي هذا المعنى قيل:

فلم يبق إلا الله لا رب غيره ... حبيبٌ لقلبٍ غاب عن كلِّ مقصد

فهذه المعاني لا تدركها العامة ولا الخاصة، وإنما يذوقها خاصة الخاصة" (٣).

وقال أيضًا: "المحبة الحقيقية والمعرفة الكامنة لا تكون على أيدي الوسائط، والأولياء وسائطهم خلفاء الأنبياء، وهم أهل العلم بالله الذوقي العياني ... وتوسيط الأنبياء للعموم في مطلق المحبة، وتعليم ما يقرب إليها، وأمَّا المحبة الحقيقية فهي خاصة بالأولياء للأولياء" (٤).

وقول ابن عجيبة في المحبة امتثال أمر الله - عز وجل - واجتناب ما نهى عنه، هذا ما يعبر عنه الصوفية بالحب العام، "الحبُّ حبان: حبٌّ عام، وحبٌّ خاص، فالحبُّ


(١) مجموع الفتاوى ١٠/ ٢٤٢.
(٢) سورة آل عمران: ٣١.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٣٥٩.
(٤) البحر المديد ٣/ ٥٥٦.

<<  <   >  >>