وقال في دعائه: لا ينفع ذا الجد منك الجد، بفتح الجيم الغنى والحظ في الرزق، ومنه قيل: لفلان في هذا الأمر جد إذا كان مرزوقاً.
وقال: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لا تموت حتى تستوفي أو تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، قوله نفث في روعي بضم الراء، النفث شبيه بالنفخ، وروعي يقول في خَلَدي.
وقال، عليه السلام: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب وظلمة أو هبوة فأكملوا العدة، هبوة يعني غبرة.
وقال، عليه السلام: إن العرش على منكب إسرافيل وإنه ليتواضع لله جل وعز حتى يصير مثل الوصع، الوصع ولد العصافير.
فقال، عليه السلام، حين سئل أين كان ربنا جل جلاله قبل أن يخلق السماوات والأرضين فقال: كان في عماء تحته هواء، العماء السحاب.
وقال، عليه السلام: عم الرجل صنو أبيه، يعني أن أصلهما واحد، وأصل الصنو إنما هو في النخل، قال الله عز وجل: " صنوانٌ وغير صنوان "، الصنوان المجتمع، وغير الصنوان المتفرق.
وقال: من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل وهو أجذم، أي مقطوع اليد.
وقال لرجل أتاه وقال: يا رسول الله أيدالك الرجل امرأته بمهرها؟ قال لا إلا أن يكون مُلفَجاً. فقال له أبو بكر، رضي الله عنه: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! إنما نشأت فيما بيننا ونحن قد سافرنا وأنت مقيم فنراك تكلم بكلام لا نعرفه ولا نفهمه! فقال، صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن الله عز وجل أدبني وأحسن أدبي، وهذا الرجل كلمني بكلامه فأجبته على حسبه، قال: أيدالك الرجل امرأته بمهرها؟ أي يماطلها، فقلت: لا إلا أن يكون ملفجاً، أي معدما.
فكلامه، صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه ومذاهبه تدل على أنه موافق لقول الله جل وعز: " الله أعلم حيث يجعل رسالته "، وكقوله: " ولقد اخترناهم على علم على العالمين ". وقال جل ذكره: " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين "، فلما علم أنه قد قبل أدبه قال: " وإنك لعلى خلق عظيم "، فلما استحكم له ما أحب قال: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".
[مساوئ من تنبى]
روي أن مسيلمة بن حبيب الكذاب كتب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذلك في آخر سنة عشر: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد فإني قد شوركت في الأمر معك وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشاً قوم يعتدون.
فقدم عليه رسولان من قبل مسيلمة بهذا الكتاب. فقال: أما والله لولا أن الرسل لا يقتلون لضربت أعناقكما. ثم كتب: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب. السلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من عباده من يشاء والعاقبة للمتقين. قيل وأتاه الأحنف بن قيس مع عمه فلما خرجا من عنده قال الأحنف لعمه: كيف رأيته؟ قال: ليس بمتنبٍّ صادق ولا بكذاب حاذق.
ومنهم طليحة تنبّى على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان يقول إن ذا النون يأتيه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لقد ذكر ملكاً عظيماً.