ورقٌ تضمّن من خطوط أناملٍ ... مرعىً من الأخبار والأداب
يخلو به من ملّ من أصحابه ... فيقال خلوٌ وهو في الأصحاب
قال: وأنشدنا أبو الحسن علي بن هارون بن يحيى النديم، رحمه الله:
إذا ما خلوت من المؤنسين ... جعلت المحدِّث لي دفتري
فلم أخل من شاعرٍ محسنٍ ... ومن مضحكٍ طيّبٍ مندر
ومن حكمٍ بين أثنائها ... فوائد للناظر المفكر
وإن ضاق صدري بأسراره ... وأودعته السرّ لم يظهر
وإن صرّح الشعر باسم الحبيب ... لما اختشيت ولم أحصَرِ
وإن عذت من ضجرةٍ بالهجاء ... ولو في الخليفة لم أحذر
فناديت منه كريم المغيب ... لندمانه طيّب المحضر
فلست أرى مؤثراً ما حييت ... عليه نديماً إلى المحشر
وقال في الذهن:
إذا ما غدت طلاّبة العلم ما لها ... من العلم إلا ما يخلَّد في الكتب
غدوت بتشميرٍ وجدٍّ عليهم ... ومحبرتي سمعي ودفترها قلبي
وقال آخر:
يا أيها الطالب الآداب مبتدراً ... لا تسهُ عن حملك الألواح للأدب
فحملها أدبٌ تحوي به أدباً ... وسوف تنقل ما فيها إلى الكتب
وليس في كلّ وقت ممكناً قلمٌ ... ودفترٌ يا عديم المثل في الحسب
وكل ما تقدم ذكره من مناقب الكتب ووصف محاسنها فهو دون ما يستحقه كتابنا هذا فقد اشتمل على محاسن الأخبار وظرائف الآثار وترجمناه بكتاب المحاسن والمساوئ لأن المصلحة في ابتداء أمر الدنيا إلى انقضاء مدتها امتزاج الخير بالشر والضارّ بالنافع والمكروه بالمحبوب، ولو كان الشر صرفاً محضاً لهلك الخلق، ولو كان الخير محضاً لسقطت المحنة وتقطعت أسباب الفكرة، ومتى بطل التخيير وذهب التمييز لم يكن صبر على مكروه ولا شكرٌ على محبوب ولا تعامل ولا تنافس في درجة، وما توفيقنا إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
[محاسن رسول الله]
صلى الله عليه وسلم