وقولهم: همك في الأحمرين، يعنون اللحم والخمر.
وقولهم: إنه لطويل النجادين، يريدون كماله وتمامه في جسمه.
وقولهم: إنه لغمز الرداء، أي كثير المعروف. وأنشد الأصمعي:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً ... غلقت بضحكته رقاب المال
وقولهم: إنه لسبط البنان، إذا كان شجاعاً سخياً.
وقولهم: شديد الجفن، إذا كان صبوراً على السهر.
وقولهم: إنه لطيب الحجزة، إذا كان عفيفاً، قال النابغة:
رقاق النعال طيبٌ حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
وقولهم: إنه لطاهر الثياب، أي ليس في قلبه غش، وقد روي في تفسير قول الله جل وعز: وثيابك فطهر، أي طهر قلبك. وأنشد:
ثياب بني عوفٍ طهارى نقيةٌ ... وأوجههم بيض المشافر غرّان
يعنون بثيابهم قلوبهم.
وقولهم: إنه لطيب الأثواب، أي طاهر الأخلاق. قال بعض الأنصار:
ومواعظٌ من ربنا تهدي لنا ... بلسان أزهر طيب الأثواب
وقولهم: تحسبها حمقاء وهي بأحسن، يضرب مثلاً لمن يظن به الجهل فإذا اختبرته وجدته عاقلاً.
وقولهم: من أجدب انتجع، أي من احتاج طلب. ويقال: إن صعصعة ابن صوحان كان يأكل مع معاوية فجعل معاوية يأكل من دجاجة بين يديه، فمدّ صعصعة يده فجذب الدجاجة، فقال له معاوية: انتجعت! فقال: من أجدب انتجع.
وقولهم: من لي بالسانح بعد البارح، يضرب مثلاً لرجل يسيء إليه إنسان فيقال له: احتمل فإنه سيحسن فيما بعد. وأصل ذلك أن رجلاً مرّت به ظباء بارحةً فتطيّر منها فقيل له: لا تتطير فإنها سوف تسنح لك، فقال: من لي بالسانح بعد البارح! وذلك أن العرب كانت إذا خرجت فمرّت بها ظباء عن يمينها قالت: يمن وبركة، فإذا مرت عن يسارها تشاءمت بها وقالت: هذا يوم نحس. والسانح ما جاء عن يمينك. والبارح ما جاء عن يسارك. والقعيد ما جاء من ورائك. والناطح ما استقبلك.
[مساوئ الأمثال]
قولهم: ذهب منه الأطيبان، يعنون الشباب والطعم. وقالوا: هو الأكل والنكاح.
وقولهم: نعوذ بالله من الأمرّين، يعنون الفقر والهرم.
ويقال: وقيت شرّ الأجوفين، يعنون البطن والفرج.
وقولهم: أماطله العصرين، يعنون الغداة والعشي. وقال الشاعر:
أماطله العصرين حتى يملني ... ويرضى بنصف الدين والأنف راغم
وقولهم: أفناه الملوان، يعنون الدهر ومقاساة الغم.
وقولهم: أبلاه الجديدان، يعنون الليل والنهار. وقال الشاعر:
إن الجديدين في طول اختلافهما ... لا ينقصان ولكن ينقص الناس
وقولهم: فلان قصير يد سرباله، أي أنه قليل المعروف. وأنشد الأصمعي:
لا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا ... قصير يد السربال مثل أبان
وقولهم: إنه لجعد البنان، وهو بخيل.
وقولهم: الحمى أضرعتني لك وإليك، يقول: الحاجة أذلتني إليك ولك.
وقولهم: من مدحنا فليقصد، يقول: من مدحنا فليقل الحق فإن المادح بالباطل غير ممتدح.
وقولهم: إنك تشجّ وتأسو، أي إنك تصلح وتفسد. وتأسو تداوي.
قال الشاعر:
يدٌ تشجُّ وأخرى منك تأسوني
وقولهم: سكت ألفاً ونطق خلفاً، يضرب مثلاً للرجل العيّ الذي يسكته العيّ عن الكلام. والخلف من الكلام الذي يشين صاحبه مثل خلف السوء، يقال: فلانٌ خلفٌ من أبيه إذا كان صالحاً، فإذا كان رديئاً قيل خلف، قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلفٍ كجلد الأجرب
وقولهم: شر الرأي الدَّبريّ، يروى ذلك لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو أن يعرف الرجل وجه نجاح حاجته بعد فوت الحاجة.
وقولهم: أحُشّك وتروثني، أي أوليك خيراً وتوليني شراً. والأصل في ذلك أن رجلاً كان يحتشّ لفرسه وفرسه بقربه فراث على رأسه، فقال له: أحُشّك وتروثني! وقولهم: إن الخبيث عينه فراره، أي يتبين الخبث في الخبيث من غير اختبار.
وقد قيل: إن الجواد عينه فراره، أي يتبين فيه الجودة من غير اختبار. يقال: فرس جواد بيّن الجودة.
ونظر أعرابي إلى صياد فقال:
إن الخبيث عينه فراره ... في فمه شفرته وناره
ممشاه ممشى الكلب وازدجاره ... أطلس يخفي شخصه غباره