أبو نعيم قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني عن عمار الدُّهني عن سالم بن أبي الجعد قال: ذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، بعض أمهات المؤمنين فضحكت عائشة، رضي الله عنها، فقال: انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت هي، ثم التفت إلى علي، رضوان الله عليه، فقال: انظر يا أبا الحسن إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها. وقال الزهري: لما سارت عائشة ومعها طلحة والزبير، رضي الله عنهم، في سبع مائة من قريش كانت تنزل كلّ منزل فتسأل عنه حتى نبحتها كلاب الحوأب فقالت: ردوني، لا حاجة لي في مسيري هذا، فقد كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهاني فقال: كيف أنت يا حميراء لو قد نبحت عليك كلاب الحوأب أو أهل الحوأب في مسيرك تطلبين أمراً أنت عنه بمعزل؟ فقال عبد الله بن الزبير: ليس هذا بذلك المكان الذي ذكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ودار على تلك المياه حتى جمع خمسين شيخاً قسامةً فشهدوا أنه ليس بالماء الذي تزعمه أنه نهيت عنه، فلما شهدوا قبلت وسارت حتى وافت البصرة، فلما كان حرب الجمل أقبلت في هودج من حديد وهي تنظر من منظر قد صُيّر لها في هودجها، فقالت لرجل من ضبّة وهو آخذ بخطام جملها أو بعيرها: أين ترى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه؟ قال: ها هوذا واقف رافع يده إلى السماء، فنظرت فقالت: ما أشبهه بأخيه! قال الضبي: ومن أخوه؟ قالت: رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: فلا أراني أقاتل رجلاً هو أخو رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنبذ خطام راحلتها من يده ومال إليه.
وعن الحسن البصري، رحمه الله، أن الأحنف بن قيس قال لعائشة، رحمها الله، يوم الجمل: يا أم المؤمنين هل عهد عليك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا المسير؟ قالت: اللهم لا. قال: فهل وجدته في شيء من كتاب الله جل ذكره؟ قالت: ما نقرأ إلا ما تقرأون. قال: فهل رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، استعان بشيء من نسائه إذا كان في قلة والمشركون في كثرة؟ قالت: اللهم لا. قال الأحنف: فإذاً ما هو ذنبنا؟ قال: وقال الحسن البصري: تقلدت سيفي وذهبت لأنصر أم المؤمنين فلقيني الأحنف فقال: إلى أين تريد؟ فقلت: أنصر أم المؤمنين. فقال: والله ما قاتلت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المشركين فكيف تقاتل معها المؤمنين؟ قال: فرجعت إلى منزلي ووضعت سيفي.