قيل: وكلم رجل سقراط بكلام أطاله فقال: أنساني أول كلامك طول عهده وفارق آخره فهمي بتفاوته. قيل: ولما قدم ليُقتل بكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: تُقتل ظلماً. قال: وكنت تحبين أن أقتل حقاً! قيل: ودخل رجل على معاوية ومعه ابن له يتوكأ عليه فقال: من هذا الغلام معك؟ قال: ابن لي يتيم. قال: حق لمن كنت أباه أن يكون يتيماً.
[محاسن الكلام في الحكمة]
اصبر محتسباً مأجوراً وإلا صبرت مضطراً مأزوراً.
المصيبة بالصبر أعظم المصيبتين إن بقيت لم يبق الهمّ.
إذا حضر الأجل افتضح الأمل. الأمل يتخطى الأجل.
من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة.
لا يُستبطأ الدعاء بالإجابة وقد سدت طريقه بالذنوب.
واجد لا يكتفي وطالب لا يجد.
الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له بخيل بما لا يملكه.
شكرك نعمةً سالفة يقتضي لك نعمة مستأنفة.
من قبل عطاءك فقد أعانك على الكرم.
لولا من يقبل الجور لم يكن من يجور.
من مدحك بما ليس فيك فحقيق بأن يذمك بما ليس فيك.
من تكلف ما لا يعنيه فاته ما يعنيه.
من أحسّ بضعف حيلته عن الاكتساب بخل.
عالم معاند خير من جاهل منصف.
أطع من هو أكبر منك ولو بليلة.
حافظ على الصديق ولو في حريق.
أعظم المصائب انقطاع الرجاء.
إذا كُفيت فاكتفِ.
الليل أخفى للويل.
عين عرفت فذرفت.
لم يفت من لم يمت.
أصدع الفراق بين الرفاق.
[محاسن البلاغة]
يقال في المثل: هو أبلغ من قُسٍّ، وكان من حكماء العرب، وهو أول من كتب من فلان إلى فلان، وأقر بالبعث من غير نبي، وأول من قال البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وقال فيه الأعشى:
وأبلغ من قسٍّ وأجرا من الذي ... بذي الغيل من خفّان أصبح خادرا
قال: وسئل أرسطاطاليس عن البلاغة فقال: أن تجعل في المعنى الكثير كلاماً قليلاً وفي القليل كلاماً كثيراً.
ووصف آخر بلاغة رجل فقال: كيف قادهم الله بأزمة أنوفهم إلى مصارع حتوفهم.
وقال اليوناني: البلاغة تصحيح الأقسام واختيار الكلام.
وقال الرومي: البلاغة حسن الاقتصاد عند البديهة والاقلال عند الإطالة.
وقال الهندي: البلاغة وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الإشارة.
وقال الفارسي: البلاغة أن تعرف الفصل من الوصل.
وقال إبراهيم الإمام: يكفي من حظ البلاغة أن يُؤتى السامع من سوء إفهام الناطق ولا يُؤتى الناطق من سوء إفهام السامع.
وسُئل آخر عن البلاغة فقال: أن تجعل بينك وبين الإكثار مسورة للاختصار.
وقال أحنف: البلاغة الوقوف عند الكفاية وبلوغ الحاجة بالاقتصاد.
وقال معاوية لصحارٍ العبدي: ما البلاغة؟ فقال: أن تجيب فلا تبطيء وتقول فلا تخطيء.
وقيل لبعضهم: ما البلاغة؟ فقال: أن لا تبطيء ولا تخطيء.
وقيل: البليغ من أغناك عن التفسير.
وقال خالد بن صفوان: ليست البلاغة بخفة اللسان ولا كثرة الهذيان ولكنها إصابة المعنى والقصد للحجة.
[محاسن الأدب]
قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: كفى بالأدب شرفاً أنه يدّعيه من لا يحسنه ويفرح إذا نسب نسب إليه، وكفى بالجهل خمولاً أنه يتبرأ منه وينفيه عن نفسه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه. فأخذ بعض المولدين معنى قوله فقال:
ويكفي خمولاً بالجهالة أنني ... أراع متى أُنسب إليها وأغضب
وقال، رحمة الله عليه: قيمة مل امريءٍ ما يحسن. فرواه بعض المحدثين شعراً فقال:
قال علي بن أبي طالب ... وهو اللبيب الفطن المتقن
كلّ امريءٍ قيمته عندنا ... وعند أهل العلم ما يحسن
وأنشد أبو الحسن بن طباطبا العلوي لنفسه:
حسودٌ مريض القلب يخفي أنينه ... ويضحي كئيب البال عندي حزينه
يلوم على أن رحت في العلم راغباً ... وأجمع من عند الرواة فنونه
فأعرف أبكار الكلام وعونها ... وأحفظ مما أستفيد عيونه
ويزعم أن العلم لا يجلب الغنى ... ويحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمي دعني أُغالي بقيمتي ... فقيمة كل الناس ما يحسنونه
وقيل: الأدب حياة القلب ولا مثيبة أعظم من الجهل. وأنشدنا الكسروي:
عِيّ الشريف يزين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه