أيسر من وقفةٍ ببابٍ ... يلقاك بوّابه بعبس
وقال:
لما رأيتك ذاهباً ... ورأيتني أُجفى ببابك
عدّيت رأس مطيتي ... وحجبت نفسي عن حجابك
وقال آخر:
لئن كان التشرف في الحجاب ... لقد أصبحت في الشرف اللباب
لقد عاتبت نفسي في وقوفي ... فقلت لها: وقفت بأيّ باب
ببابٍ تُسلب الموتى عليه ... ويُستلب العراق من الكلاب؟
منصور بن باذان:
أما وزمر ابن شيبه ... وقبح لحية عقبه
كأنما شعر قردٍ ... ملصَّقٌ حول ذنبه
ووجهه حين يبدو ... كقبح أول شربه
لئن أطلت حجابي ... ما أنت إلا ابن قحبه
وكيف تبني المعالي ... يا نجل كلبٍ لكلبه
وهل يكون كريماً ... يا قوم حمّال قربه!
وله:
يا ذا الذي قصّر في مجده ... وزاد في عدّة حجّابه
أقسمت لا أقرب باب امريءٍ ... يحجبني البوّاب عن بابه
فأدخل الله رؤيس امريءٍ ... يحجب مثلي في است بوّابه
ولأبي عبد الله مريقة في علي بن أحمد المعروف بابن الحواري شاعر وكان حجبه فتعرض له وقد ركب فقال:
أسَلُ الذي صرف الأعنّ ... ة بالمواكب نحو بابك
وأراك نفسك دائماً ... ما لم يكن لك في حسابك
وأذل موقفي العزي ... ز عليّ في أقصى رجائك
ألا يطيل تجرّعي ... غصص المنية من حجابك
[محاسن الولايات]
قال إبراهيم بن السندي: بعث إليّ المأمون فأتيته فقال: يا إبراهيم إني أريدك لأمر جليل والله ما شاورت فيه أحداً ولا أشارك بك أحد، فاتق الله ولا تفضحني، فقلت: يا سيدي لو كنت شر خلق الله ما تركت موضع قادح فكيف ونيّتي في طاعة أمير المؤمنين نية العبد الذليل لمولاه؟ قال: قد رأيت أن أوليك خبر ما وراء باب داري فانظر أن تعمل بما يجب عليك لله جل وعز ولي ولا تراقب أحداً، فقلت: يا سيدي فإني أستعين بالله عز وجل على مرضاته ومرضاتك، فبعثت أصحاب الأخبار في الأرباع ببغداد فرفع إليّ بعضهم أن صاحب ربع الحوض أخذ امرأة مسلمة مع رجل نصراني من تجار الكَرخ فافتدى نفسه بألف دينار، فرفعت إليه ذلك فدعا عبد الله بن طاهر فقال له: انظر في هذا الذي رفعه إلي صاحب الخبر، فقرأه وقال: رفع يا أمير المؤمنين الباطل والزور وأغراه بي فعمل قوله فيّ وملأ قلبه، فبعث إلي وقال: يا إبراهيم ترفع إلي الكذب وتحملني على عمّالي؟ فكتبت رُقعَة دفعتها إلى فتحٍ الخادم ليوصلها إليه قلت فيها: إنّما يحضر الأخبار في الأرباع المرأة والطفل وابن السبيل وغير ذلك، ولو كانت الأخبار لاترفع إلا بشهود عدول ما صحّ خبرولا كتب به، ولكن مَجرَى الأخبار أن يحضرها قوم على غير توطّؤ، فإن أمرني أمير المؤمنين أن لا أكتب إليه بخبر إلاّ بعدول وبرهان فعلت ذلك، وعلى هذا فلا يرتفع في السنة خبر واحد. فلّما قرأ الرقعة فكّر فيها ليلته وجاءني رسولُه مع طلوع الشمس، فأتيتُه من باب الحمّام فلمّا رآني قال: اطمأنن. وقام فصلى ركعتين أطال فيهما ثم سلّم والتفت إليّ وليس في المجلس غيري فقال: يا إبراهيم إنما قمت للصلاة ليسكن بهرك ويقوى متنك ويُفرخ روعك فتمكن في قعودك، وكنت قاعداً على ركبتي، فقلت: لا أضع قدر الخلافة يا سيدي ولا أجلس إلا جلوس العبد بين يدي مولاه. ثم قام فصلى ركعتين دون الأوليين ثم قال: هذه رقعتك تحت رأسي قد قرأتها أربع مرات وقد صدقت في ما كتبت به ولكني امرؤٌ أداري عمّالي مداراة الخائف وبالله ما أجد إلى أن أحملهم على المحجّة البيضاء سبيلاً، فاعمل على حسب ذلك ولِن لهم تسلم منهم وفي حفظ الله إذا شئت. فانصرفت فدعوت أصحاب الأخبار فتقدمت إليهم في مداراة القوم والرفق بهم واللين لهم.