للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صبراً فإن اليوم يتبعه غدٌ ... ويد الخليفة لا تطاولها يد

والحبس ما لم تغشه لدنيةٍ ... تزري فنعم المنزل المتورَّد

لو لم يكن في الحبس إلا أنه ... لا يستذلّك بالحجاب الأعبد

بيتٌ يجدد للكريم كرامةً ... ويزار فيه ولا يزور ويحمد

يا أحمد بن أبي دؤادٍ إنما ... تدعى لكل عظيمةٍ يا أحمد

أبلغ أمير المؤمنين ودونه ... خوض العدى ومخاوفٌ لا تنفد

أنتم بنو عم النبي محمدٍ ... أولى بما شرع النبي محمد

ما كان من حسنٍ فأنتم أهله ... طابت مغارسكم وطاب المحتد

أمن السوية يا ابن عم محمدٍ ... خصمٌ تقرّبه وآخر تبعد

إن الذين سعوا إليك بباطلٍ ... أعداء نعمتك التي لا تجحد

شهدوا وغبنا عنهم فتحكموا ... فينا وليس لغائبٍ من يشهد

لو يجمع الخصماء عندك مجلسٌ ... يوماً لبان لك الطريق الأقصد

والشمس لولا أنها محجوبةٌ ... عن ناظريك لما أضاء الفرقد

قال: فعارضه عاصم بن محمد الكاتب لما حبسه أحمد بن عبد العزيز بتغير حمولة له فقال:

قالت حُبست فقلت خطبٌ أنكد ... أنحى علي به الزمان المرصد

لو كنت حراً كان سربي مطلقاً ... ما كنت أُؤخذ عنوةً وأُقيد

أو كنت كالسيف المهند لم أكن ... وقت الشديدة والكريهة أُغمد

أو كنت كالليث الهصور لما رعت ... فيّ الذئاب وجذوتي تتوقد

من قال إن الحبس بيت كرامةٍ ... فمكاشرٌ في قوله متجلد

ما الحبس إلا بيت كل مهانةٍ ... ومذلةٍ ومكارهٍ ما تنفد

إن زارني فيه العدو فشامتٌ ... يبدي التوجع تارةً ويفنّد

أو زارني فيه الصديق فموجعٌ ... يذري الدموع بزفرةٍ تتردد

يكفيك أن الحبس بيت لا ترى ... أحداً عليه من الخلائق يحسد

عشنا بخيرٍ برهةً فكبا بنا ... ريب الزمان وصرفه المتردد

قصرت خطاي وما كبرت وإنما ... قصرت لأني في الحديد مصفّد

في مطبقٍ فيه النهار مشاكلٌ ... للّيل والظلمات فيه سرمد

تمضي الليالي لا أذوق لرقدةٍ ... طعماً فكيف حياة من لا يرقد

فتقول لي عيني إلى كم أسهرت ... ويقول لي قلبي إلى كم أكمد

وغذاي بعد الصوم ماءٌ مفردٌ ... كم عيش من يغذوه ماءٌ مفرد

وإذا نهضت إلى الصلاة تهجراً ... جذبت قيودي ركبتي فأسجد

فإلى متى هذا الشقاء مؤكد ... وإلى متى هذا البلاء مجدد

يا رب فارحم غربتي وتلافني ... إني غريبٌ مفرد متلدد

ما لي مجيرٌ غير سيدي الذي ... ما زال يكفلني فنعم السيد

غذيت حشاشة مهجتي بنوافلٍ ... من سيبه وصنائعٍ لا تجحد

عشرين حولاً عشت تحت جناحه ... عيش الملوك وحالتي تتزيد

إن حدت عن قصد المحجة قال لي ... مهلاً فذاك هو الطريق الأقصد

فيردني بترفقٍ نحو التي ... فيها السلامة والسبيل الأرشد

فبعدت عنه مجبراً متكرهاً ... الله يعلم ما أقول ويشهد

وخلا العدو بموضعي من قلبه ... فحشاه جمراً ناره ما تخمد

هبني أسأت فلم حقدت إساءتي ... ماإن عهدتك مذ صحبتك تحقد

بل كنت تغتفر الذنوب تكرماً ... وتظلّ تعفو دائماً وتغمّد

فاغفر لعبدك ذنبه متطولاً ... فالحقد منك سجيةٌ لا تعهد

واذكر خصائص حرمتي ومقاومي ... أيام كنت جميع أمري تحمد

يا أحمد بن محمدٍ يا ذا الندى ... دم لي على ما كنت لي يا أحمد

لا تشمتن بي العدو وخلّني ... ببياض وجهك إن وجهي أسود

ولغيره:

<<  <   >  >>