كَانَ طرد لأَجله مِمَّا تقدم ذكره وإغاثة التائب مِمَّا يحمد وَأما السَّادِس عشر وَهُوَ عزل ابْن مَسْعُود وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَنَحْوهمَا فَأَما عَمْرو ابْن الْعَاصِ فَإِنَّمَا عزلته لِأَن أهل مصر أَكْثرُوا شكايته وَأما ابْن مَسْعُود فَلَمَّا بَلغنِي عَنهُ وَلم تزل الْأَئِمَّة على مثل ذَلِك وَلم يكن قصدي من منع عطائه حرمانه ألبتهَ وَإِنَّمَا التَّأْخِير إِلَى غَايَة اقْتضى نَظَرِي التَّأْخِير إِلَيْهَا فَكَانَ لما قضى الله وصلت بِهِ ورثته وَلَعَلَّه كَانَ أَنْفَع لَهُم فأزال عَنْهُم وعثتهم وَأرْسل إِلَى ابْن أبي سرح يتهدده وَرَجَعُوا إِلَى أوطانهم قلت وَأحسن مَا يُقَال فِي الْجَواب عَن جَمِيع مَا ذكر أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قد أخبر عَن وُقُوع فتْنَة عُثْمَان وَأَنه على الْحق فِي حَدِيث كَعْب بن عجْرَة كَمَا سَيَأْتِي وَفِي رِوَايَة على الْهَوَاء أخرجهَا أَحْمد وَأخْبر أَنه يقتل ظلما كَمَا فِي حَدِيث ابْن عمر الْآتِي أَيْضا وَأمر باتباعه عِنْد ثوران الْفِتْنَة كَمَا فِي حَدِيث مرّة بن كَعْب كَمَا يَأْتِي فَمن شهد لَهُ عَلَيْهِ الصلاهَ وَالسَّلَام أَنه على الْحق وَأَنه يقتل ظلما وَأمر باتباعه كَيفَ يتَطَرَّق الْوَهم إِلَى أَنه على الْبَاطِل ثمَّ قد ورد فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أخبرهُ أَن الله يقمصه بقميص وَأَن الْمُنَافِقين يريدونه على خلعه فَأمره أَلا يخلعه وَأمره بِالصبرِ فامتثل أمره
وصبر على مَا ابتلى بِهِ وَهَذَا من أدل دَلِيل على أَنه كَانَ على الْحق فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال فَمن خَالفه يكون على الْبَاطِل فَكيف وَقد وصف النَّبِي
الَّذين أَرَادوا خلعه بالنفاق فَعلم بِالضَّرُورَةِ أَن كل مَا رُوِيَ عَنهُ مِمَّا يُوجب الطعْن عَلَيْهِ أَمر بَين مفتري عَلَيْهِ مختلق وَبَين مَجْهُول وعَلى تَقْدِير صِحَّته يحمل على أحسن الْحَالَات فَيكون مَعَه على الْحق تَصْدِيقًا لخَبر النُّبُوَّة الْمَقْطُوع بصدقه وَلما بلغ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَول عُثْمَان فِيهِ مَا قَالَ أرسل إِلَى عُثْمَان يَقُول مَا تخلفت عَن بدر وَلَا فَرَرْت يَوْم أحد وَلَا خَالَفت سنة عمر فَأرْسل إِلَيْهِ عُثْمَان تخلفت عَن بدر لِأَن بنت رَسُول الله
شغلتني بمرضها أما يَوْم أحد فقد عَفا الله عني وَأما سنة عمر فوَاللَّه مَا استطعتها أَنا وَلَا أَنْت