إِلَى أَن لحظ الْعَبَّاس فتقاً فِي درع الشَّامي فَأَهوى إِلَيْهِ بِيَدِهِ وهتكه إِلَى ثندوته ثمَّ عَاد لمجاولته وَقد انفرج لَهُ بعض الدرْع فَضَربهُ الْعَبَّاس ضَرْبَة انتظم بهَا جوائح صَدره فحول وَجهه وَكبر النَّاس تَكْبِيرَة ارتجت الأَرْض من تَحْتهم بهَا فَإِذا قَائِل يَقُول {قاتِلُوهُم يعُذِبهُمُ الله بأيدِيكم} التَّوْبَة ١٤ الْآيَة قَالَ ابْن الْأَغَر فَالْتَفت فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ لي يَا بن الْأَغَر من المبارز لعدونا قلت ابْن أخيكم هَذَا الْعَبَّاس بن ربيعَة فَقَالَ عَليّ للْعَبَّاس ألم أَنْهَك وَعبد الله بن عَبَّاس أَن تحلا بمركز كَمَا لَو تناشر آخِرنَا قَالَ الْعَبَّاس إِن ذَلِك كَمَا قلت قَالَ عَليّ فَمَا عدا مِمَّا بدا قَالَ الْعَبَّاس أفأدعى إِلَى البرَاز باسمي فَلَا أُجِيب فَقَالَ عَليّ طَاعَتك إمامك أولى من إِجَابَة عَدوك وتغيظ واستطار ثمَّ تطامن وَسكت وَرفع يَدَيْهِ مبتهلاً وَقَالَ اللَّهُمَّ اشكر للْعَبَّاس واغفر ذَنبه وتأسف مُعَاوِيَة على عزاز بن أَرقم ثمَّ قَالَ أَلا رجل شري نَفسه يطْلب بِدَم عزاز فَانْتدبَ لَهُ رجلَانِ من لخم من أهل الْبَأْس من صَنَادِيدهمْ قَالَ فاذهبا فأيكما قتل الْعَبَّاس فَلهُ مائَة أُوقِيَّة من التبر وَمثلهَا من اللجين وبعددها من برود الْيمن فَأتيَاهُ فدعواه للبراز وصاحا بَين الصفين يَا عَبَّاس اخْرُج إِلَى الدَّاعِي فَقَالَ الْعَبَّاس إِن لي سيداً أُرِيد أوامره فَأتى عليا وَهُوَ فِي جنَاح الميمنة يَخُوض النَّاس فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ عَليّ وَالله لود مُعَاوِيَة أَنه مَا بَقِي من بني هَاشم نافخ ضرمة إِلَّا طعن فِي بَطْنه إطفاءً لنُور الله ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ ثمَّ قَالَ يَا عَبَّاس ناقلني سِلَاحك بسلاحي فناقله عَليّ ووثب على فرس الْعَبَّاس وَقصد اللخميين فَلم يشكا أَنه الْعَبَّاس فَقَالَا لَهُ أذن لَك صَاحبك فحرج أَن يَقُول نعم فَقَالَ {أُذِنَ لِلَذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنهُم ظُلِمُوا} الْحَج ٣٩ الْآيَة وَكَانَ الْعَبَّاس أشبه النَّاس فِي جِسْمه وركوبه بعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فبرز لَهُ أَحدهمَا فكأنهما أَخطَأ رَأسه ثمَّ برز الآخر فألحقه بِالْأولِ ثمَّ أقبل يَقُول {الشهرُ الحرامُ بِالشهرِ الْحَرَام} الْبَقَرَة ١٩٤ الْآيَة ثمَّ قَالَ يَا عَبَّاس خُذ سِلَاحك وهات سلاحي فَإِن عَاد لَك أحد فعد لي ونمى الْخَبَر إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ قبح الله اللجاج وَمَا ركبته قطّ إِلَّا خذلت فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ المخذول وَالله اللخميان فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة اسْكُتْ أَيهَا الرجل فَلَيْسَ هَذَا من شَأْنك قَالَ عَمْرو فَإِن لم يكن الله رحم اللخميين وَلَا أرَاهُ يفعل قَالَ مُعَاوِيَة ذَاك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute