للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي المَال وأجابه إِلَى ذَلِك فَلَمَّا كَانَ من الْغَد بعث إِلَيّ وأحضرني وَنظر إِلَيّ كالأسد الغضبان وَقَالَ يَا أَعْرَابِي طلق سعدى فَقلت لَا فَسلط عَليّ جمَاعَة من غلمانه فأخذوني يعذبوني أنوع الْعَذَاب فَلم أجد بُداً من طَلاقهَا فأعادني إِلَى السجْن فَمَكثت فِيهِ إِلَى ن انْقَضتْ عدتهَا فَتَزَوجهَا وَدخل بهَا وأطلقني وَقد أَتَيْتُك مستجيراً إِلَيْك ملتجئاً وَأنْشد // (من المجتث) //

(فِي القَلْبِ مِنِّيَ نَارُ ... وَالنَّارُ فِيها اسْتِعَارُ)

(وَالجسْمُ مِنِّى سَقِيمٌ ... فِيهِ الطَّبِيبُ يَحَارُ)

(وَفِي فؤادِيَ جَمْرٌ ... والْجَمرُ فِيهِ شَرارُ)

(والعيْن تنهلُّ دمعاً ... فَدَمْعُهَا مِدْرَارُ)

(وَلَيْسَ إِلَاّ بِربِّي ... ثُمَّ الأَمِيرِ انْتِصَارُ)

ثمَّ اضْطربَ واصطكت لحياه وَصَارَ مغشيا عَلَيْهِ وَأخذ يتلوى كالحية المقتولة فَلم سمع كَلَامه مُعَاوِيَة وإنشاده قَالَ تعدى وظلم بن الحكم فِي حُدُود الدّين واجترأ على حرم الْمُسلمين ثمَّ قَالَ وَالله يَا أَعْرَابِي لقد أتيتني بِحَدِيث لم أسمع بِمثلِهِ ثمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وَكتب إِلَى مَرْوَان بن الحكم قد بَلغنِي أَنَّك ظلمت واعتديت وَيَنْبَغِي لمن كَانَ والياً أَن يكف بَصَره عَن شهواته ثمَّ كتب إِلَيْهِ بعد كَلَام فَقَالَ // (من الْبَسِيط) //

(وَلِيتَ ويْحَك أمرا لَسْت تُدْرِكُهُ ... فَاسْتَغْفِرِ اللَّه مِنْ فِعْلِ امريٍء زَاني)

(وَقَدْ أَتَانَا الفَتَى الْمِسْكِينُ مُنْتَحِبًا ... يَشْكُو إِلَيْنَا بِبَثٍّ ثُمَّ أَحْزَانِ)

(أُعْطِي الإِلَهَ يَمِينًا لَا أُكَفِّرُهَا ... نعَمْ وأَبْرأُ من دينيِ وَدَيَّانِي)

(إِن أَنْتَ خالَفْتنِي فِيمَا كَتَبْتُ بِهِ ... لأَجْعَلَنَّكَ لَحْمًا بَيْن عقْبَانِ)

(طَلِّقْ سُعَاد وعَجِّلْهَا مُجَهَّزَةً ... مَعَ الكُمَيْتِ ومَعْ نَصْرِ بن ذبيانِ)

ثمَّ طوى الْكتاب وطبعه بِخَاتمِهِ واستدعى بالكميت وَنصر بن ذبيان وَكَانَ يستنهضهما للمهمات لأمانتهما فأخذا الْكتاب وقدما الْمَدِينَة وأسلما الْكتاب إِلَى مَرْوَان فَجعل يقْرَأ ويرتعد ويبكي وَأخْبر سعدى وَطَلقهَا وجهزها وصحبها الرّجلَانِ وَكتب إِلَى مُعَاوِيَة فصلا يَقُول فِيهِ // (من الْبَسِيط) //

<<  <  ج: ص:  >  >>