وَأما ابْن الزبير فَإِنَّهُ اختفى فِي دَاره وَجمع أَصْحَابه وألح الْوَلِيد فِي طلبه وَبعث موَالِيه فَشَتَمُوهُ وتهددوه وَأَقَامُوا بِبَابِهِ فِي طلبه فَبعث ابْن الزبير أَخَاهُ جعفراً يلاطف الْوَلِيد ويشكو مَا أَصَابَهُ من الذعر ويعده بالحضور من الْغَدَاة وَأَن يصرف رسله من بَابه فَبعث إِلَيْهِم وَانْصَرفُوا وَخرج ابْن الزبير من ليلته مَعَ أَخِيه جَعْفَر وَحدهمَا وأخذا طَرِيق الْفَرْع إِلَى مَكَّة فسرح الْوَلِيد الرِّجَال فِي طلبه فَلم يدركوه وَرَجَعُوا وتشاغل بذلك عَن الْحُسَيْن سائِرَ يَوْمه ثمَّ أرسل إِلَى الْحُسَيْن يَدعُوهُ فَقَالَ الْحُسَيْن أَصْبحُوا وَتَروْنَ ونَرَى وَسَار فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة ببنيه وَبني أَخِيه إِلَّا مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَكَانَ قد نصحه وَقَالَ تَنَح عَن يزِيد وَعَن الْأَمْصَار مَا اسْتَطَعْت وَابعث دعاتك إِلَى النَّاس فَإِن أجابوك فاحمد الله وَإِن اجْتَمعُوا على غَيْرك فَلم ينقص بذلك دينك وَلَا عقلك وَلم تذْهب بِهِ مروءتك وَلَا فضلك وَأَنا أَخَاف أَن تأني مصرَاً أَو قوما فيختلفون عَلَيْك فَتكون لأوّل الأسنة فَإِذا خير الْأمة نفسا وَأَبا أضيعها دمنا وأذلها أصلا قَالَ لَهُ الْحُسَيْن فَإِنِّي ذَاهِب قَالَ لَهُ انْزِلْ مَكَّة فَإِن اطمأنت بك الدَّار فبسبيل ذَلِك وَإِن نأت بك لحقت بالرمال وشعاب الْجبَال وَمن بلد إِلَى بلد حَتَّى تنظر مصير أَمر النَّاس وتعرف الرَّأْي فَقَالَ يَا أخي نصحتَ وأشفقتَ فلحق بِمَكَّة وَبعث الْوَلِيد إِلَى ابْن عمر ليبايع فَقَالَ إِذا بَايع النَّاس وَقيل إِن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس كَانَا بِمَكَّة ورجعا إِلَى الْمَدِينَة فلقيا الْحُسَيْن وَابْن الزبير فأخبراهما بِمَوْت مُعَاوِيَة وبيعة يزِيد فَقَالَ ابْن عمر لَا نفرق جمَاعَة الْمُسلمين وقَدِمَ هُوَ وَابْن عَبَّاس الْمَدِينَة وَبَايِعًا عِنْد بيعَة النَّاس وَلنَا دخل ابْن الزبير مَكَّة وَعَلَيْهَا عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ الشهير بالأشدق كَمَا تقدم ذكره قَالَ أَنا عَائِد بِالْبَيْتِ وَلم يكن يُصَلِّي وَلَا يفِيض مَعَهم وَيقف هُوَ وَأَصْحَابه نَاحيَة وَلما بلغ يزِيد صَنِيع الْوَلِيد بن عتبَة بِأَمْر أُولَئِكَ النَّفر وتوانيه فِي أَمرهم عَزله عَن الْمَدِينَة وولاها عَمْرو بن سعيد فَقَدمهَا فِي رَمَضَان وَاسْتعْمل على شرطته عَمْرو ابْن الزبير بِالْمَدِينَةِ لما كَانَ بَينه وَبَين أَخِيه عبد الله بن الزبير من الْبغضَاء قَالَ الْعَلامَة ابْن خلدون وَولى يزِيد بن مُعَاوِيَة عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ الْمَدِينَة وَمَكَّة والموسم والطائف فَقدم إِلَى الْمَدِينَة سنة سِتِّينَ فِي رَمَضَان قبيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute