ثمَّ كتب إِلَيْهِ الْوَلِيد سنة ثَمَانِينَ أَن يدْخل حجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فِي الْمَسْجِد وَأَن يَشْتَرِي مَا فِي نواحي الْمَسْجِد من الدّور حَتَّى يَجعله مِائَتي ذِرَاع فِي مثلهَا وَيقدم الْقبْلَة وَمن أبي أَن يعطيك ملكه فقومه قيمَة عدل وادفع إِلَيْهِ الثّمن واهدم عَلَيْهِ الْملك وَلَك فِي عمر وَعُثْمَان أُسْوَة فِي ذَلِك فَأعْطَاهُ أهل الْأَمْلَاك مَا أحب مِنْهَا بأثمانها وَبعث الْوَلِيد إِلَى ملك الرّوم إِنِّي أُرِيد بِنَاء الْمَسْجِد النَّبَوِيّ فَبعث إِلَيْهِ ملك الرّوم بِمِائَة ألف مِثْقَال من الذَّهَب وَمِائَة من الفعلة وَأَرْبَعين حملا من الفسيفساء فَبعث بذلك كُله إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز واستكثر مَعَهم من فعلة الشَّام وَشرع فِي عِمَارَته فعمره عمر بن عبد الْعَزِيز وَلم يُغير شَيْئا من مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي زَمَنه
حَتَّى إِنَّه يَأْتِي الْجذع الْقَائِم فيقلعه ثمَّ يضع مَوْضِعه أساس الأسطوانة وَيرْفَع الْبناء عَلَيْهَا فَلِذَا ترى بعض الأساطين متسعاً مَا بَينهَا وَبَعضهَا متضايقاً لِأَنَّهَا كَانَت كَذَلِك فِي بِنَاء عمر بن الْخطاب الَّذِي هُوَ على بنائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ورزق الْفُقَهَاء والفقراء والضعفاء وَحرم عَلَيْهِم سُؤال النَّاس وَفرض لَهُم مَا يكفيهم وَضبط الْأُمُور أتم ضبط ثمَّ ولى سنة تسع وَثَمَانِينَ على مَكَّة خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي قَالَ العبشمي عَن أَبِيه كَانَ الْوَلِيد دميماً سَائل الْأنف طويلَا أسمر بِهِ أثر جدري أفطس وبمقدم لحيته شمط لَيْسَ فِي رَأسه ولحيته غَيره إِذا مَشى يتبختر فِي مشيته كَانَ أَبَوَاهُ يترفانه فشب بِلَا أدب وَلَا علم وروى يحيى الغساني أَن روح بن زنباغ قَالَ دخلت يَوْمًا على عبد الْملك وَهُوَ مهموم فَقَالَ لي فَكرت فِيمَن أوليه أَمر الْعَرَب فَلم أَجِدهُ فَقلت أَيْن أَنْت عَن الْوَلِيد قَالَ إِنَّه لَا يحسن النَّحْو قَالَ فَقَالَ لي عبد الْملك رُح إِلَى العشية فَإِنِّي سأظهر كآبة فسلني قَالَ فرحت إِلَيْهِ والوليد عِنْده فَقلت لَهُ لَا يسوءك الله مَا هَذِه الكآبة قَالَ فَكرت فِيمَن أوليه أَمر الْعَرَب فَلم أَجِدهُ فَقلت أَيْن أَنْت عَن رَيْحَانَة قُرَيْش وسيدها الْوَلِيد فَقَالَ لي يَا أَبَا زنباع إِنَّه لَا يَلِي الْعَرَب إِلَّا من تكلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute