للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَأَتَاهَا فَجْأَة ووضاح عِنْدهَا فرآها الْخَادِم وَهِي تواريه فِي الصندوق فَطلب مِنْهَا من الْجَوْهَر حجرا فانتهرته وأبت فآتى الْوَلِيد وَأخْبرهُ بِمَا رأى وَعلم لَهُ الصندوق فكذبه ونهره وضَرَبَ عُنُقه فِي الْحَال وَقَامَ مسرعاً إِلَى أم الْبَنِينَ وَهِي فِي مقصورتها تمتشطُ فَجَلَسَ على الصندوق الَّذِي أخبرهُ بِهِ الْخَادِم وَقَالَ لَهَا مَا أحب هَذَا الْبَيْت إِلَيْك دون الْبيُوت قَالَت لِأَنَّهُ يضم حوائجي جَمِيعًا فَقَالَ أُرِيد أَن تهبي لي صندوقاً من هَذِه الصناديق قَالَت دُونك الْجَمِيع فَقَالَ مَا أُرِيد إِلَّا واحدَاً قَالَت ارسم الَّذِي تقصده فَقَالَ هَذَا الَّذِي جَلَست عَلَيْهِ قَالَت خُذ غَيره فَإِن لي فِي حوائج أحتاجها قَالَ مَا أُرِيد غَيره قَالَت خُذْهُ فَأمر الْخَادِم بِحمْلِهِ إِلَى مَجْلِسه وحفر بِئْرا عَظِيمَة وأعمق فِيهَا حَتَّى وصل المَاء ودنا من الصندوق فَقَالَ يَا صندوق إِنَّه بلغنَا عَنْك خبر إِن كَانَ حَقًا قد كُفيناك ودفناك وَانْقطع خبرك وَإِن كَانَ بَاطِلا فَإِنَّمَا دفنا الْخشب وأهون بِهِ ثمَّ قذف بِهِ فِي الْبِئْر وهال التُّرَاب عَلَيْهِ وَردت الْبسط على حَالهَا وَلم ير الْوَلِيد وَلَا أم الْبَنِينَ فِي أحد مِنْهُمَا أثرَاً وَلَا تغيَّرَتْ مَوَدَّة أَحدهمَا للْآخر حَتَّى فرق الْمَوْت بَينهمَا وَلم ير وضاح بعْدهَا أبدا قلت فَمن أَيْن اتَّصل نبأ هَذَا الْخَبَر وَالْحَالة هَذِه وَقد اخْتلف الْعُقَلَاء فِي فعل الْوَلِيد هَذَا هَل يعد بِهِ من أهل الْمُرُوءَة وَالْحيَاء وَالْكَرم فبه يمدح أم من أهل الدناءة والوقاحة والعار الَّذِي ذمّ بِهِ فبه يقْدَح ذهب إِلَى كل مِنْهَا عقلاء لكَني أرجح كَونه ثَانِيًا لَا أَولا إِذْ الشهم لَا يبْقى على صفحة عرضه الْغُبَار وَلَا يرضى بلباس الْعَيْب وَلَو كَانَ فَوْقه ألف دثار وَمن شعر وضاح فِي جَارِيَة قد شَببَ بهَا قَوْله من // (السَّرِيع) //

(قَالتْ أَلَا لَا تَلِجنْ دَارَنَا ... إِنَّ أَبَانَا رَجُلٌ غَائِرُ)

(قلْتُ فَإِنِّي طالبٌ غِرَّةً ... وإنَّ سَيفي صارِمٌ باترُ)

(قالتْ فَإنَّ البابَ ذُو منعةٍ ... قلتُ فَإِنِّي واثبٌ كاسرُ)

(قالتْ فإنَّ النَّاسَ مِنْ دونِنا ... قلتُ فَإِنِّي كاتمٌ ماهرُ)

(قَالَت فإنَّ القصْرَ مِنْ دُوننَا ... قلْتُ فَإِنِّي فرقه طائرُ)

(قالتْ فإِنَّ البَحْرَ من دُوننَا ... قلْتُ فَإِنِّي سابحٌ ماهرُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>