بِهَذَا مِنْك فألح عَلَيْهِ وَالله لتقولن فَقَالَ أما إِذْ أَبيت إِلَّا أَن أَقُول فسب أَبَاهُ كَمَا سَبَّ أَبَاك {وَأن تَعفُوا أَقرَبُ لِلتَّقوَى} الْبَقَرَة ٢٣٧ فَقَالَ لَيْسَ إِلَّا هَذَا فَقَالَ لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا أَن تداخلك جبرية فَأَما فِي الْحق فَلَيْسَ إِلَّا هَذَا فَالْتَفت إِلَى خَالِد بن الريان وَهُوَ قَائِم على رَأسه ثمَّ قَامَ وَهُوَ غَضْبَان فَقَالَ خَالِد وَالله يَا عمر لقد نظر إِلَيّ أَمِير الْمُؤمنِينَ نظرةَ كنت أَظن أَنه يَأْمُرنِي بِضَرْب عُنُقك قَالَ لَو أَمرك أَكنت تفعل فَقَالَ إِي وَالله قَالَ أما إِنَّه كَانَ يكون شرا لَكمَا وخيرَاً لي ثمَّ سكت عمر عَنهُ وَبَقِي ذَلِك فِي قلبه وَلما قَامَ الْوَلِيد من مَجْلِسه دخل على زَوجته أم الْبَنِينَ بنت عبد الْعَزِيز أُخْت عمر فَقَالَ لَهَا أَخُوك الحروريُّ وَالله لأقتلنه فَمَكثَ عمر أَيَّامًا فِي منزله لَا يحضُرُ الْبَاب وَلَا يلْتَمس المعذرة فَأَتَاهُ رَسُول الْوَلِيد وَقت القائلة فَدَعَاهُ فَلَمَّا دخل بَاب الْقصر عدل بِهِ إِلَى بَيت فَأدْخل فِيهِ وطين عَلَيْهِ الْبَاب فَرجع صَاحب دَابَّته إِلَى أَهله فَأخْبرهُم فَأخْبرُوا أُخْته فبحثت عَن خَبره فعلمته فَدخلت على الْوَلِيد وَنَاشَدْته الرَّحِم وَقبلت يَده فَقَالَ قد وهبته لَك إِن أَدْرَكته حَياً قَالَ ففتحوا عَنهُ الْبَاب فوجدوه قد انثنى عُنُقه فَحَمَلُوهُ إِلَى منزله وعالجوه فَلَمَّا توفّي الْوَلِيد وَكَانَ سُلَيْمَان بعده فَهَلَك وَتَوَلَّى عمر الْخلَافَة جَاءَ خَالِد بن الريان فِي الْيَوْم الَّذِي اسْتخْلف فِيهِ عمر متقلدَاً سَيْفه يُرِيد الْوُقُوف على رَأسه فَقَالَ عمر يَا خَالِد انْطلق بسيفك هَذَا فضعه فِي بَيْتك واقعد فِيهِ لَا حَاجَة لنا فِيك أَنْت رجل إِذا أُمِرْتَ بِشَيْء فعلته لَا تنظر لدينك فَلَمَّا ولي خَالِد ذَاهِبًا نظر عمر إِلَى قَفاهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ يَا رب إِنِّي قد وَضعته لَك فَلَا ترفعه أبدا فَمَا لبث إِلَّا جُمُعَة حَتَّى ضربه الفالج فَقتله انْتهى قَالَ عبد الله بن صَالح حَدثنِي اللَّيْث قَالَ لما ولي عمر بَدَأَ بلحمته وَأهل بَيته وَأخذ مَا بِأَيْدِيهِم وسمى أَمْوَالهم مظالم فَفَزِعت بَنو أُميَّة إِلَى عمته فَاطِمَة بنت مَرْوَان فَأَتَتْهُ لَيْلًا فأنزلها عَن دابتها فَلَمَّا أخذت مجلسها قَالَ يَا عمَّة أَنْت أولى بالْكلَام فتكلَمي قَالَت تكلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ إِن الله بعث نبيه رَحْمَة للْأمة ثمَّ اخْتَار لَهُ مَا عِنْده فَقَبضهُ الله وَترك لَهُم نَهرا شربهم سَوَاء ثمَّ قَامَ أَبُو بكر فَترك النَّهر على حَاله ثمَّ ولي عمر فَعمل عمل صَاحبه وَلم يزل النَّهر يشق مِنْهُ يزِيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute