وَولده وَمَاله وحشمه إِلَّا مسلمة بن هِشَام فَإِنَّهُ كَانَ يُرَاجع أَبَاهُ هشاماً بالرفق بالوليد فَانْتهى لما أمره بِهِ الْوَلِيد ثمَّ اسْتعْمل الْوَلِيد الْعمَّال وَكتب إِلَى الْآفَاق بِأخذ الْبيعَة فَجَاءَتْهُ بيعتهم وَكتب مَرْوَان بيعَته وَاسْتَأْذَنَ فِي الْقدوم ثمَّ عهد الْوَلِيد من سنته لابْنَيْهِ الحكم وَعُثْمَان بعده وجعلهما ولي عَهده وَكتب بذلك إِلَى الْعرَاق وخرسان قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ أَبوهُ يزِيد بن عبد الْملك حِين احْتضرَ عهد بِالْأَمر إِلَى هِشَام ابْن عبد الْملك وأخيه بِأَن يكون الْعَهْد من بعده لوَلَده الْوَلِيد بن يزِيد فَلَمَّا مَاتَ هِشَام بُويِعَ لَهُ بالخلافة يَوْم موت عَمه هِشَام وَهُوَ إِذْ ذَاك بالبرية فَارًّا من عَمه هِشَام لِأَنَّهُ كَانَ بَينه وَبَين عَمه هِشَام مُنَافَسَة لأجل استخفافه بِالدّينِ وشربه الْخمر واشتهاره بِالْفِسْقِ والفجور فهم هِشَام بقتْله ففر وَصَارَ لَا يُقيم بِأَرْض خوفًا من هِشَام فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَة الَّتِي قدم عَلَيْهِ الْبَرِيد فِي صبحها بالخلافة قلق تِلْكَ اللَّيْلَة قلقاً شَدِيدا فَقَالَ لبَعض أَصْحَابه وَيحك قد أَخَذَنِي اللَّيْلَة قلق فاركَبْ بِنَا حَتَّى ننبسط فَسَار مِقْدَار ميلين وهما يتحادثان فِي أَمر هِشَام وَمَا يكْتب إِلَيْهِ من التهديد والوعيد ثمَّ نظرا فرأيا فِي الْبعد رهجاً وصوتاً فَقَالَا اللَّهُمَّ أعطنا خَيرهمْ فَلَمَّا قدم الْبَرِيد وأثبتوا الْوَلِيد معرفَة ترجلوا وَجَاءُوا فَسَلمُوا عَلَيْهِ بالخلافة فبهت ثمَّ قَالَ وَيحكم أمات هِشَام قَالُوا نعم ثمَّ أَعْطوهُ الْكتب فقرأها وَسَار مِنْ فوره إِلَى دمشق فَأَقَامَ على اشتهاره بالمنكرات وتظاهر بالْكفْر والزندقة قَالَ ابْن عَسَاكِر وَغَيره انهمك الْوَلِيد فِي شرب الْخمر ولذاته ورفَض الْآخِرَة وَرَاء ظَهره وَأَقْبل على القصف وَاللَّهْو والتلذذ مَعَ الندماء والمغنين وَكَانَ يضْرب بِالْعودِ ويوقع بالطبل وَيَمْشي بالدف وَكَانَ قد انتهك محارم الله حَتَّى قيل لَهُ الْفَاسِق وَعرف بذلك وَمَعَ هَذَا كَانَ أكمل بني أُميَّة أدباً وفصاحَة وظرفاً وأعرفهم باللغة والنحو والْحَدِيث وَكَانَ جوادَاً مفضالاً وَلم يكن فِي بني أُميَّة أَكثر مِنْهُ إدماناً للشراب وَالسَّمَاع وَلَا أَشد مجوناً وتهتكاً مِنْهُ واستخفافَاً بِالدّينِ وَأمر الْأمة يُقَال إِنَّه وَاقع جَارِيَة وَهُوَ سَكرَان وجاءه المؤذنون يؤذنونه بِالصَّلَاةِ فَحلف ألَا يُصَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute