للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَلا يدان إِلَّا بِمذهب مَالك فَمن ثمَّ كَانَ أهل الْمغرب على مَذْهَب الإِمَام مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثمَّ سمع الْمَنْصُور بذلك فحصلت مِنْهُ إساءة إِلَى الإِمَام مَالك بِسَبَب ذَلِك القَوْل وَأمه بربرية وَكَذَلِكَ أم الْمَنْصُور فَكَانُوا يَقُولُونَ ملك الدُّنْيَا ابْنا بربريتين الْمَنْصُور وَعبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة هَذَا وَفِي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة حج الْمَنْصُور فَنزل فِي دَار الندوة وَكَانَ يخرج فيطوفُ سحرًا بِالْبَيْتِ فَخرج ذَات لَيْلَة فَبَيْنَمَا هُوَ يطوف إِذْ سمع قَائِلا يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك ظُهُور الْبَغي وَالْفساد فِي الأَرْض وَمَا يحول بَين الْحق وَأَهله من الطمع فهرول الْمَنْصُور حَتَّى مَلأ مسامعه ثمَّ رَجَعَ إِلَى دَار الندوة وَقَالَ لصَاحب الشرطة إِن بِالْبَيْتِ رجلا يطوف صفته كَذَا فائتني بِهِ فَخرج فَوجدَ رجلا عِنْد الرُّكْن الْيَمَانِيّ فَقَالَ أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ الْمَنْصُور مَا الَّذِي سَمِعتك آنِفا تشكوه إِلَى الله تَعَالَى من ظُهُور الْبَغي وَالْفساد إِلَى آخِره فوَاللَّه لقد حشوتَ مسامعي مَا أَمْرَضَنِي فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الَّذِي دخله الطمع وَحَال بَين الْحق وَأَهله أنتَ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور وَيحك كَيفَ يدخلني طمع والصفراء والبيضاء ببابي وَملك الأَرْض فِي قبضتي فَقَالَ الرجل سُبْحَانَ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهل دخل أحدا من الطمع مَا دَخلك إِن الله تَعَالَى استرعاك أُمُور الْمُسلمين وَأَمْوَالهمْ فأهملت أُمُورهم واهتممت بِجمع أَمْوَالهم واتخذت بَيْنك وَبينهمْ حجابَاً من الجص والآَجُر وحجبة تمنعهم الْبَلَاغ وَأمرت أَلا يدْخل عَلَيْك إِلَّا فلَان وَفُلَان ثمَّ استخلصتهم لنَفسك وآثرتهم على رعيتك وَلم تَأمر بإيصال الْمَظْلُوم وَلَا الجائع وَلَا العاري وَلَا أحد إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حَق فَلَمَّا رآك هَؤُلَاءِ الَّذين استخلصتهم لنَفسك وآثرتهم على رعيتك تجمَعُ الأموالَ وَلَا تقسمها قَالُوا هَذَا قد خَان الله وَرَسُوله فمالنا لَا نخونه فَاجْتمعُوا على أَلا يصل إِلَيْك من أَمْوَال النَّاس إِلَّا مَا أَرَادوا فصاروا شركاءك فِي سلطانك وَأَنت غافل عَنْهُم وَإِذا جَاءَ الْمَظْلُوم إِلَى بابك وَجدك قد أوقفت ببابك رجل ينظر فِي الْمَظَالِم فَإِن كَانَ الظَّالِم من بطانتك علل الْمَظْلُوم وسوف بِهِ من وَقت إِلَى وَقت

<<  <  ج: ص:  >  >>