للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَكُنَّا نرجِّي من إمامٍ زِيَادَة ... فَزَاد الإمَامُ المصطَفَى فِي القَلَانِسِ)

(تَرَاهَا على هَامِ الرجالِ كَأَنَّهَا ... زُنَارُ يَهُودٍ جُلِّلَتْ بِالبَرَانِسِ)

وَكَانَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور مهيباً سفاكَاً ذَا دهاءِ وحزمِ وتدبيرِ لأمور الرّعية وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الصمت وعَلى ظَاهر أَحْوَاله الصّلاح أمه يُقَال لَهَا سَلامَة بربرية يُقَال إِنَّهَا قَالَت لما حملت بِهِ رأيتُ كَأَن أسداً خرج مني فأقعى وزأر وَضرب بذيله الأَرْض فَأَقْبَلت إِلَيْهِ الْأسود من كل نَاحيَة فَكلما انْتهى أَسد مِنْهَا إِلَيْهِ سجد كَانَت وِلَادَته سنة خمس وَتِسْعين وَهِي السّنة الَّتِي توفّي فِيهَا الْحجَّاج بن يُوسُف يحْكى أَنه رتب أوقاته لأموره كَانَ بعد أَن يُصَلِّي الصُّبْح إِلَى وَقت صَلَاة الظّهْر يدبر أَحْوَال الْبِلَاد وَيرْفَع الْمَظَالِم عَن الْعباد وَيَقْضِي حوائج النَّاس وَمن الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر يدبر أَحْوَال نَفسه وَمن الْعَصْر إِلَى الْمغرب يتَقَيَّد بِأُمُور خواصِّ أهل بَيته وَبعد الْمغرب إِلَى الْعشَاء يشْتَغل بِالْقِرَاءَةِ وَبعد الْعشَاء إِلَى مُضِيّ الثُّلُث الأول من اللَّيْل يجْتَمع إِلَيْهِ ندماؤه ويتحدَثون بالسير وَالْأَخْبَار والأشعار المتضمنة للْحكم والشجاعة فَإِذا تفَرقُوا من عِنْده رقد الثُّلُث الْأَوْسَط فَإِذا دخل الثُّلُث الْأَخير قَامَ وَتَوَضَّأ وتهجد وَقَرَأَ الْقُرْآن إِلَى الصُّبْح وَفِي ربيع الْأَبْرَار سَأَلَ الْمَنْصُور بعض بطانة هِشَام بن عبد الْملك الْأمَوِي عَن تَدْبِير هِشَام فِي حروبه فَقَالَ ذَلِك الْبَعْض فعل كَذَا رَحمَه الله وصنع كَذَا رَحمَه الله فَقَالَ الْمَنْصُور لعنك الله وإياه تطَأ بساطي وتترحَم على عدوي أَخْرجُوهُ عني فَقَامَ الرجل وَهُوَ يَقُول وَالله لنعمة عَدوك قلادة فِي عنقِي لَا يَنْزِعهَا إِلَّا غاسلي فَقَالَ الْمَنْصُور ردُّوهُ عَليّ فَرُدَ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور يَا شيخ أشهد أَنَّك نتيجة حر وَثَمَرَة شرِيف ودعا لَهُ بِمَال فَقَالَ الرجل لَوْلَا افتراض طَاعَتك مَا قبلت بعده لأحد نعْمَة فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور كفيت قَوْمك فخراً كن أول دَاخل عَليّ وَآخر خَارج عني

<<  <  ج: ص:  >  >>