للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَدخل بعض الهاشميين عَلَيْهِ فَجعل يحدثه وَيكثر من ذكر أَبِيه والترحم عَلَيْهِ فَيَقُول كَانَ أبي رَحمَه الله وَفعل أبي رَحمَه الله فَقَالَ لَهُ الرّبيع حَاجِب الْمَنْصُور كم تترحَم على أَبِيك بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُ الْهَاشِمِي أَنْت مَعْذُور فَإنَّك لَا تعرف حلاوة الْآبَاء فَخَجِلَ مِنْهُ أَشد الخجل وَذَلِكَ أَن الرّبيع كَانَ لقيطاً لَا يعرف لَهُ أَب وَكَانَ الْمَنْصُور مَعَ هَذِه الصِّفَات الحميدة يُوصف بالبخل الشَّديد وَلذَا لقب بالدوانيقي ذكر ابْن خلدون أَنه حاسب القواد الَّذين جعلهم على بِنَاء بَغْدَاد عِنْد الْفَرَاغ مِنْهَا فألزم كُلاًَ بِمَا بَقِي عِنْده حَتَّى إِنَّه أَخذ من خَالِد بن الصَّلْت مِنْهُم خَمْسَة عشرَة درهما بعد أَن حَبسه عَلَيْهَا وَمِمَّا يحْكى عَنهُ من الشُّح أَنه قَالَ للمسيب بن زُهَيْر أحضرني بِنَاء حاذقاً السَّاعَة فَأحْضرهُ فَأدْخلهُ إِلَى بعض محاله وَقَالَ ابْن لي بازائه طاقاً يكون شَبِيها بِالْبَيْتِ فَلم يزل يُؤْتِي بالحصى والآجر حَتَّى بناه وجوده فَنظر إِلَيْهِ الْمَنْصُور وَاسْتَحْسنهُ وَقَالَ للمسيب أعْطه أجره فَقَالَ أعْطِيه خَمْسَة دَرَاهِم فاستكثرها وَقَالَ لَا أرضي بذلك فَلم يزل حَتَّى نَقصه درهما ففرح بذلك وابتهج كَأَنَّهُ أصَاب مَالا وَحكي أَيْضا أَنه لدغ فَدَعَا مولى لَهُ يُقَال لَهُ أسلم رقاء فَأمره أَن يرقيه فرقاه فبرئ فَأمر لَهُ برغيف فَأخذ الرَّغِيف فثقبه وصيره فِي عُنُقه وَجعل يَقُول رقيت مولَايَ فبرئ فَأمر لي بِهَذَا الرَّغِيف فَبلغ الْمَنْصُور ذَلِك فَقَالَ لَهُ لم أبرك أَن تشنع عَليّ فَقَالَ لم أشنع إِنَّمَا أخْبرت بِمَا أمرتَ فَأمر أَن يصفع ثَلَاث أَيَّام كل يَوْم ثَلَاث صفعات قلت وَعِنْدِي وَالله فِي صِحَة هَذَا القَوْل عشرُون شكا وَالله أعلم بالحقائق وَحكي عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ بعث إِلَيّ الْمَنْصُور فَقَالَ لم تبطئ عَنْهَا قلت وَمَا تُرِيدُ منا فَقَالَ لآخذ عَنْكُم وأقتبس مِنْكُم فَقلت لَهُ مهلا فَإِن عُرْوَة بن رُوَيْم أَخْبرنِي أَن نَبِي الله

قَالَ من جَاءَتْهُ موعظة من ربه فقبلها شكر الله لَهُ ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>