مَكَّة رأى على جِدَار خرب سطرين هما // (من الطَّوِيل) //
(أَبَا جَعْفَرٍ حانَتْ وفاتُكَ وانْقَضَتْ ... سِنُوكَ وَأَمْر اللهِ لَا بُدَّ واقعُ)
(أَبَا جعفرٍ هَل كاهِنٌ أَو منجِّمٌ ... لَك اليَوْمَ من رَيْبِ المنيةِ دافعُ)
فَلَمَّا قَرَأَهَا تَيَقّن انْقِضَاء أَجله ثمَّ اشْتَدَّ بِهِ وَجَعه فَجعل يَقُول للربيع وَكَانَ عديله بَادر بِي إِلَى حرم رَبِّي هاربَاً من ذُنُوبِي فَلَمَّا وصل إِلَى بِئْر مَيْمُون مَاتَ سحرًا لَيْلَة السَّادِس من ذِي الْحجَّة كَمَا تقدَم ذكره وَلم يحضرهُ إِلَّا خدمه وَالربيع مَوْلَاهُ فَكَتَمُوا الْأَمر ثمَّ غَدا أهل بَيته على عَادَتهم فَدَعَا الأكابر وَذَوي الْأَسْنَان ثمَّ عامتهم فبايعهم الرّبيع للمهدي ثمَّ بَايع القواد وَعَامة النَّاس وَسَار الْعَبَّاس بن مُحَمَّد وَمُحَمّد بن سُلَيْمَان إِلَى مَكَّة فبايعا النَّاس للمهدي بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَذكر عَليّ بن مُحَمَّد النَّوْفَلِي عَن أَبِيه وَهُوَ من أهل الْبَصْرَة كَانَ يخْتَلف إِلَى الْمَنْصُور قَالَ جِئْت من مَكَّة صَبِيحَة مَوته إِلَى الْعَسْكَر فَإِذا مُوسَى بن الْمهْدي عِنْد عَمُود السرادق وَالقَاسِم بن الْمَنْصُور فِي نَاحيَة فَعلمت أَنه قد مَاتَ ثمَّ أقبل الْحسن ابْن زيد الْعلوِي وَالنَّاس حَتَّى ملئوا السرادق وَسَمعنَا هَمس الْبكاء ثمَّ خرج أَبُو العنبر الْخَادِم مشقوق الأقبية وعَلى رَأسه التُّرَاب وَهُوَ يستغيث وَقَامَ الْقَاسِم فشق ثِيَابه ثمَّ خرج الرّبيع فِي يَده قرطاس فقرأه على النَّاس وَفِيه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عبد الله الْمَنْصُور أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى من خلف من بني هَاشم وشيعته من أهل خُرَاسَان وَعَامة الْمُسلمين ثمَّ بَكَى وَبكى النَّاس ثمَّ قَالَ الْبكاء أمامكم فأنصتوا رحمكم الله ثمَّ قَرَأَ أما بعد فَإِنِّي كتبت كتابي هَذَا وَأَنا فِي آخر يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا أَقرَأ عَلَيْكُم السَّلَام وأسأل الله ألَا يَفْتِنكُم بعدِي وَلَا يلْبِسكُمْ شيعًا يُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض ثمَّ أَخذ فِي وصيتهم بالمهدي وبعثهم على الْوَفَاء بعهده ثمَّ تنَاول الْحسن بن زيد وَقَالَ قُم نُبَايِع مُوسَى بن الْمهْدي لِأَبِيهِ فَقَامَ فَبَايعهُ ثمَّ بَايع النَّاس الأول فَالْأول ثمَّ دخل بَنو هَاشم على الْمَنْصُور وَهُوَ فِي أَكْفَانه مَكْشُوف الرَّأْس لمَكَان الْإِحْرَام فَحَمَلُوهُ من مَكَانَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ على ثَلَاثَة أَمْيَال من مَكَّة فدفنوه وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute