وَذكر الْأَصْمَعِي أَنه دخل على الرشيد قَالَ وَكنت قد غبت عَنهُ بِالْبَصْرَةِ حولا فَسلمت عَلَيْهِ بالخلافة فَأَشَارَ إِلَيّ بِالْجُلُوسِ فَجَلَست حَتَّى خف النَّاس ثمَّ قَالَ يَا أصمعي أَلا تحب أَن ترى مُحَمَّدًا وَعبد الله ابْني قلت بلَى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي لأحب ذَلِك وَقد أوردت الْقَصْد إِلَيْهِمَا لأسلم عَلَيْهِمَا ثمَّ قَالَ الرشيد عَليّ بِمُحَمد وَعبد الله فَانْطَلق الرَّسُول فَأَقْبَلَا كَأَنَّهُمَا قمراً أفق قد قاربا خطاهما ورميا ببصرهما الأَرْض حَتَّى وَقفا على أَبِيهِمَا فسلما عَلَيْهِ بالخلافة فَأَوْمأ لَهما فَجَلَسَ مُحَمَّد عَن يَمِينه وَعبد الله عَن شِمَاله ثمَّ أَمرنِي بمطارحتهما الْأَدَب فَكنت لَا ألْقى عَلَيْهِمَا شَيْئا من فنون الْأَدَب إِلَّا أجابا فِيهِ وأصابا فَقَالَ كَيفَ ترى أدبهما قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا رَأَيْت مثلهمَا فِي ذكائهما وجودة فهمهما وذهنهما فَأطَال الله بقاءهما ورزق الْأمة رأفتهما فَضَمَّهُمَا إِلَى صَدره وسبقته عبرته فَبكى حَتَّى تحدرت دُمُوعه على لحيته ثمَّ أذن لَهما فِي الْقيام فنهضا حَتَّى إِذا خرجا قَالَ يَا أصمعي كَيفَ بهما إِذا ظهر تعاديهما وبدا تباغضهما وَوَقع بأسهما بَينهمَا حَتَّى تسفك الدِّمَاء وَيَوَد كثير من الْأَحْيَاء أَن لَو كَانَ فِي الْأَمْوَات قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا شَيْء قضى بِهِ المنجمون عَن مولدهما أَو شَيْء أثرته الْعلمَاء فِي أَمرهمَا قَالَ بل شَيْء أثرته الْعلمَاء عَن الأوصياء قَالَ الصولي وَكَانَ الرشيد يسمع مَا يجْرِي بَينهمَا جَمِيعه من مُوسَى بن جَعْفَر الصَّادِق وَلذَلِك قَالَ مَا قَالَ قَالَ فِي قلادة النَّحْر إِن الْمَأْمُون مر يَوْمًا على زبيدة أم الْأمين فرآها تحرّك شفتيها بِشَيْء لَا يعرفهُ فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّاهُ أتدعين عَليّ أَن قتلت ابْنك وسلبته فَمَا كَانَ الْبَاغِي إِلَّا ابْنك وَإِن لكل باغِ مصرعاً قَالَت لَا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ فَمَا الَّذِي قلت قَالَت يعفيني أَمِير الْمُؤمنِينَ فألح عَلَيْهَا قَالَ وَلَا بُد أَن تقوليه قَالَ قلت قبح الله اللجاج والملاحَة قَالَ وَكَيف ذَلِك قَالَت إِنِّي لألعب يَوْمًا مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد الشطرنج على الحكم وَالرِّضَا فغلبني فَأمرنِي أَن أتجرد من أثوابي وأطوف الْقصر عُرْيَانَة فاستعفيته فَلم يعفني فتجردت من ثِيَابِي وطفت الْقصر عَارِية ثمَّ عاودني اللّعب فغلبته فَأَمَرته أَن يذهب إِلَى المطبخ فيطأ أقبح جَارِيَة وأشوهها خلقَة فاستعفاني فَلم أعفه فبذل لي خراج مصر وَالْعراق فأبيت وَقلت وَالله لتفعلن ذَلِك فَأبى فألححت عَلَيْهِ وَأخذت بِهِ وَجئْت بِهِ إِلَى المطبخ فَلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute