هَذَا الْخَلِيفَة الَّذِي مَا سَمِعت بِمثلِهِ أندى رَاحَة وَلَا أوسع ساحة وَلَا أطول باعاً وَلَا أمد يفاعَاً وَقد قصدته بِشعر يلذ على أَفْوَاه الروَاة ويحلو فِي آذان المستمعين قَالَ فأنشدنيه فمضيت وَقلت يَا رَكِيك أخْبرك بِشعر قلته فِي الْخَلِيفَة ومديح حبرته فِيهِ فَقَالَ وَمَا تَأمل مِنْهُ قلت إِن كَانَ على مَا ذكر لي فألف دِينَار قَالَ فَأَنا أُعْطِيك ألف دِينَار إِن رَأَيْت الشّعْر جيدَاً وَمَتى تصل إِلَيْهِ وَبَيْنك وَبَينه عشرُون ألف رامح ونابل فَقلت لَهُ أَمَعَك مَال قَالَ بغلي هَذَا خير من ألف دِينَار أنزل لَك عَن ظَهره فَقلت مَا يُسَاوِي هَذَا الْبَغْل هَذَا النجيب فَقَالَ دع عَنْك هَذَا وَلَك الله أَن أُعْطِيك ألف دِينَار فَأَنْشَدته الأرجوزة وَقلت // (من الرجز) //
(مَأمُونُ يَا ذَا المِنَنِ الشَّرِيفَهْ ... وَصَاحِبَ المَرْتَبَةِ المُنِيفَهْ)
(وَقَائِدَ الْكَتِيبََةِ الْكَثِيفَهْ ... هَلْ لَكَ فِي أُرْجُوزَةٍ ظَرِيفَهْ)
(أظْرَفَ مِنْ فِقهِ أبِي حَنِيفَهْ ... لَا وَالَّذِي أَنْتَ لَهُ خَلِيفَهْ)
(مَا ظَلَمَتْ فِي أَرْضِنَا عَفِيفَهْ ... أَميرنَا مُؤْنَتُهُ خَفِيفَهْ)
(ومَا اجْتَنَي شَيْئًا سِوَى الوَظِيفَهْ ... فَالذَّئْبُ وَالنَّعْجَةُ فِبي سَقِيفَهْ)
(وَاللِّصُّ وَالتَّاجِرُ فٍ ي قَطِيفَهْ ... )
قَالَ فوَاللَّه مَا أتممتها حَتَّى غشينا زهاء عشرَة آلَاف فَارس قد سدوا الْأُفق يَقُولُونَ السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فأخذني شبه جُنُون فَنظر إِلَيّ وَقَالَ لَا بَأْس عَلَيْك قلت أمعذري أَنْت قَالَ نعم ثمَّ الْتفت إِلَى خَادِم وَقَالَ أعْطِيه مَا مَعَك فَأخْرج كيساً فِيهِ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار ذَهَبا وَقَالَ هاك سَلام عَلَيْك وَمضى وَرجعت إِلَى بلدي مَسْرُورا فِي المسامرة لِابْنِ عَرَبِيّ أشرف الْمَأْمُون من قصره فَرَأى رجلا قَائِما وَبِيَدِهِ فَحْمَة وَهُوَ يكْتب بهَا على حَائِط قصره فَأمر الْمَأْمُون بعض خدمه أَن يذهب إِلَيْهِ فَينْظر مَا كتب ويأتيه بِهِ فبادر الْخَادِم إِلَى الرجل مسرعاً وَقبض عَلَيْهِ وَتَأمل الْكتاب وَإِذا هُوَ // (من الْبَسِيط) //
(يَا قَصْرُ جُمِّعَ فيكَ الشُّؤْم واللُّومُ ... متَى تُعَشِّشُ فِي أَرْجَائِكَ البُومُ)
(يَوْمَ تُعَشِّشُ فيكَ البُومُ مِنْ فرَحِي ... أَكُونُ أَّولَ منْ يرْعَاك مَرْغُومُ)
ثمَّ إِن الْخَادِم قَالَ للرجل أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُ سَأَلتك بِاللَّه لَا تذْهب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute